وقد أورد العالم السنّي المعروف «الحاكم النيسابوري» هذا القول ، لكن بتعبير آخر :
«لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال امّتي إلى يوم القيامة» (١).
والغاية من هذا الكلام واضحة ، لأنّ كلّا من الإسلام والقرآن كان على حافّة الهاوية ظاهرا ، وكان يمرّ بأحرج لحظاته وأصعبها ، ولذلك كانت التضحية في هذه الحرب أعظم التضحيات بعد تضحيات النّبي صلىاللهعليهوآله ، حيث حفظت الإسلام من السقوط ودرأت عنه الخطر ، وضمنت بقاءه إلى يوم القيامة ، وببركة تضحية الإمام عليهالسلام تجذّر الإسلام وتأصّل وشملت غصونه وأوراقه العالمين ، وبناء على هذا فإنّ عبادة الجميع مرهونة بعمله.
وذكر البعض : أنّ المشركين أرسلوا رسولا منهم ليشتري جثّة عمرو بعشرة آلاف درهم ـ وربّما كانوا يتصوّرون أنّ المسلمين سيفعلون بجثّة عمرو ما فعله قساة القلوب بجسد حمزة يوم أحد ـ فقال النّبي صلىاللهعليهوآله : «هو لكم ، لا نأكل ثمن الموتى»!
وهناك موقف يستحقّ الذكر والانتباه ، وهو : أنّ اخت عمرو لمّا وصلت إلى جسد أخيها ، ورأت أنّ عليا عليهالسلام لم يسلبه درعه الثمينة قالت : ما قتله إلّا كفؤ كريم (٢).
وـ إجراءات النبي العسكرية والسياسية في هذه الحرب
كانت هناك مجموعة من العوامل المختلفة ، والأساليب العسكرية والسياسية ، وكذلك عامل العقيدة والإيمان ، ساهمت في انتصار النّبي صلىاللهعليهوآله والمسلمين في معركة الأحزاب ، إضافة إلى التأييد الإلهي. عن طريق الرياح والعواصف الهوجاء
__________________
(١) مستدرك الحاكم ، الجزء ٣ ، صفحة ٣٢.
(٢) اعتمدنا في هذا الجانب على كتب : إحقاق الحقّ ، بحار الأنوار ، المجلّد ٦ ، بحار الأنوار ، المجلّد ٢٠ ، تفسير الميزان ، المجلّد ١٦.