٣ ـ بنو إسرائيل اعترضوا على نبي زمانهم «أشموئيل» في قضيّة انتخاب «طالوت» كقائد للجيش وقالوا : (نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ). (١)
٤ ـ مشركو زمان نوح عليهالسلام الأثرياء اعترضوا عليه بأن اتّبعه أراذلهم ، وهم الفقراء في نظرهم (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) (٢)
٥ ـ أثرياء مكّة أوردوا نفس هذا الاعتراض على الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله بقولهم : لقد أحاط بك الحفاة ، ونحن نشمئزّ حتّى من رائحتهم ، فلا نتبعك إلّا بابتعادهم عنك. وقد حقّرهم القرآن الكريم في سورة الكهف بشدّة ، وهدّدهم ، وأمر الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله بأن يكون مع الذين عشقوا الله ، ويدعونه صباحا ومساء وإن كانوا فقراء (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ). (٣)
لهذه الأسباب ، كان أوّل عمل إصلاحي يقوم به الأنبياء هو تحطيم اطر التقييم الكاذبة تلك ، واستبدالها بالقيم الإلهية الأصيلة والقيام بـ «ثورة ثقافية» أبدلوا أساس الشخصية ومحورها من الأموال والأولاد والثروة والجاه والشهرة القبلية والعائلة إلى التقوى والإيمان والعمل الصالح.
وقد مرّ نموذج لذلك في الآيات السابقة ، فبعد شجب الأموال والأولاد كوسيلة للتقرّب من الله تعالى ، والآية (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) أعطت بعدها مباشرة القيم الأصيلة كبديل بالقول : (إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً).
والآية الشريفة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) والتي أضحت شعارا إسلاميا بعد استبعاد القيم المرتبطة بالقبيلة والعشيرة ، تشير إلى هذه الثورة الفكرية والاعتبارية. فاستنادا إلى هذه الآية (الحجرات ـ ١٣) فليس هناك شيء غير
__________________
(١) البقرة ، ٢٤٧.
(٢) الشعراء ، ١١١.
(٣) الكهف ، ٢٨.