الاحتياجات والحقائق إلى يوم القيامة في الأصول العامّة والتعليمات الجامعة التي وضعها خاتم النّبيين ، ولذلك فإنّ قطع طريق الاتّصال هذا لا يوجد مشكلة.
الثّانية : إنّ ما يقطع إلى الأبد بعد ختم النبوّة هو الوحي لشريعة جديدة ، أو لتكميل شريعة سابقة ، لا كلّ أنواع الاتّصال بما وراء عالم الطبيعة ، لأنّ للأئمّة ارتباطا بعالم الغيب ، وكذلك المؤمنون الحقيقيون الذين أزالوا الحجب عن قلوبهم ووصلوا إلى مقام المكاشفة والشهادة نتيجة تهذيبهم أنفسهم.
يقول الفيلسوف الشهير «صدر المتألّهين الشيرازي» في مفاتيح الغيب : «واعلم ، أنّ الوحي إذا انقطع ، وباب الرسالة إذا انسدّ استغنى الناس عن الرسل وإظهار الدعوة بعد تصحيح الحجّة وإكمال الدين ، كما قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وأمّا باب الإلهام فلا ينسدّ ، ومدد نور الهداية لا ينقطع لاحتياج الناس لاستغراقهم في هذه الوساوس إلى التنبيه والتذكير ، والله تعالى غلق باب الوحي وفتح باب الإلهام رحمة منه على عباده» (١).
إنّ هذا الارتباط يتولّد عادة من سموّ النفس وارتقاء الروح وتصفيتها وصفاء الباطن ، ولا علاقة لها بمسألة النبوّة والرسالة ، وبناء على هذا فمتى ما تحقّقت مقدّماته وشروطه وجدت هذه الرابطة المعنوية ، وبذلك فلم يكن أيّ بشر محروما من هذا الفيض العظيم ، ولن يكون ـ تأمّلوا ذلك ـ.
* * *
__________________
(١) مفاتيح الغيب ، ص ٤١ ـ ٤٢.