لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) فإنّ سعة مفهوم تعبير (وَمَنْ بَلَغَ) توضّح رسالة القرآن ونبي الإسلام العالمية من جهة ، ومسألة الخاتمية من جهة اخرى.
وهناك آيات اخرى تثبت عمومية دعوة نبي الإسلام لكلّ البشر ، مثل : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً). (١)
وكقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً). (٢)
والآية : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً). (٣)
إنّ ملاحظة سعة مفهوم «العالمين» و «الناس» و «الكافّة» تؤيّد هذا المعنى أيضا. إضافة إلى أنّ إجماع علماء الإسلام من جهة ، وكون هذه المسألة ضرورية لدى المسلمين من جانب آخر ، والروايات الكثيرة الواردة عن النّبي صلىاللهعليهوآله وباقي أئمّة الهدى عليهمالسلام من جانب ثالث توضّح هذا المطلب ، ونكتفي هنا بذكر بعضها من باب الشاهد والمثال :
١ ـ ورد في الحديث المعروف عن النّبي صلىاللهعليهوآله : «حلالي حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة» (٤).
إنّ هذا التعبير مبيّن لاستمرار هذه الشريعة حتّى نهاية العالم وفنائه.
وقد روي هذا الحديث بهذه الصيغة أحيانا : «حلال محمّد حلال أبدا إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة ، لا يكون غيره ، ولا يجيء غيره» (٥).
٢ ـ حديث المنزلة المعروف ، والذي ورد في مختلف كتب الشيعة والسنّة ، وهو في شأن علي عليهالسلام وبقائه مكان النّبي في المدينة عند ما توجّه صلىاللهعليهوآله إلى غزوة تبوك.
فإنّه يوضّح مسألة الخاتمية تماما ، لأنّا نقرأ في هذا الحديث أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله قال
__________________
(١) سورة الفرقان ـ ١.
(٢) سورة سبأ ، ٢٨.
(٣) سورة الأعراف ، ١٥٨.
(٤) بحار الأنوار ، المجلّد الثّاني ، صفحة ٢٦٠ باب ٣١ حديث ١٧.
(٥) اصول الكافي ، المجلّد الأوّل ، باب البدع والرأي والمقاييس حديث ١٩.