أداء رسالاتهم ، فيجب على هذا أن يسيروا بحزم وثبات ، ويستوعبوا كلمات المسيئين الجارحة غير المتزنة ، ويستمرّوا في طريقهم دون أن يهتّموا باصطناع الأجواء ضدّهم ، وضجيج العوام ، وتآمر الفاسدين والمفسدين وتواطئهم ، لأنّ كلّ الحسابات بيد الله سبحانه ، ولذلك تقول الآية في النهاية : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً).
إنّه يحسب إيثار الأنبياء وتضحياتهم في هذا الطريق ويجزيهم عليها ، كما يحفظ كلمات الأعداء البذيئة وثرثرتهم ليحاسبهم عليها ويجازيهم.
إنّ جملة : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) دليل في الحقيقة على أنّ القادة الإلهيين يجب أن لا يخشوا شيئا أو أحدا في إبلاغ الرسالات ، لأنّ الله سبحانه هم المحصي لجهودهم ، وهو المثيب عليها.
* * *
ملاحظات
١ ـ المراد من «التبليغ» هنا هو الإبلاغ والإيصال ، وعند ما يرتبط الأمر بـ «رسالات الله» فإنّه يعني أن يعلّم الأنبياء الناس ما علّمهم الله عن طريق الوحي ، وأن ينفذوه إلى القلوب عن طريق الاستدلال والإنذار والتبشير والموعظة والنصيحة.
٢ ـ «الخشية» تعني الخوف المقترن بالتعظيم والاحترام ، ويختلف عن الخوف المجرّد من هذه الخاصية من هذه الجهة. وقد تستعمل أحيانا بمعنى مطلق الخوف.
وقد ورد في مؤلّفات المحقّق «الطوسي» كلام في الفرق بين هذين اللفظين ، وهو في الحقيقة يشير إلى المعنى العرفاني لا اللغوي ، فانّه يقول : إنّ الخشية والخوف وإن كانا في اللغة بمعنى واحد ـ أو يقربان من معنى واحد ـ إلّا أنّ بينهما فرقا لدى أهل البصائر ، وهو : إنّ «الخوف» يعني القلق والاضطراب الداخلي من العواقب التي ينتظرها الإنسان نتيجة ارتكابه المعاصي والذنوب ، أو تقصيره في