إنّ القرآن الذي يلعن الظالمين والفاسقين في آياته المختلفة ، ويعدهم ممّن استوجب العقاب والعذاب الإلهي ، كيف يوافق ويقرّ هذه الصيانة غير المنطقية للصحابة في مقابل الجزاء الإلهي؟!
هل إنّ مثل هذه اللعنات والتهديدات القرآنية قابلة للاستثناء ، وأن يخرج من دائرتها قوم معينون؟ لماذا ولأجل أي شي؟!
وإذا تجاوزنا عن كل ذلك ، ألا يعتبر مثل هذا الحكم بمثابة إعطاء الضوء الأخضر للصحابة ليرتكبوا من الذنب والجريمة ما يحلو لهم؟
ثالثا : إنّ هذا الحكم لا يناسب المتون التأريخية الإسلامية ، لأنّ كثيرا ممّن كان في صفوف المهاجرين والأنصار قد انحرف عن طريق الحق ، وتعرض لغضب الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الملازم لغضب الله عزوجل. ألم نقرأ في الآيات السابقة قصّة ثعلبة بن حاطب الأنصاري ، وكيف انحرف وأصبح مورد لعنة وغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! ونقول بصورة أوضح : إذا كان مقصود هؤلاء أنّ أصحاب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يرتكبوا أي معصية ، وكانوا معصومين ، فهذا من قبيل إنكار البديهيات.
وإن كان مقصودهم أنّ هؤلاء قد ارتكبوا المعاصي ، وعملوا المخالفات ، إلّا أنّ الله تعالى راض عنهم رغم ذلك ، فإنّ معنى ذلك أن الله سبحانه قد رضي بالمعصية!
من يستطيع أن يبرئ ساحة طلحة والزبير اللذين كانا في البداية من خواص أصحاب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكذلك عائشة زوجة النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من دماء سبعة عشر ألف مسلم أريقت دماؤهم في حرب الجمل؟ هل أنّ الله عزوجل كان راضيا عن إراقة هذه الدماء؟!
هل إنّ مخالفة علي عليهالسلام خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الذي إذا لم نقبل النّص على خلافته فرضا ، فعلى الأقل كان قد انتخب بإجماع الأمّة ـ وشهر السلاح بوجهه وبوجه أصحابه الأوفياء شيء يرضى الله عنه؟
في الحقيقة ، إنّ أنصار نظرية (تنزيه الصحابة) بإصرارهم على هذا المطلب