المفصل الذي يربط مشط الرجل بالساق (١).
بعد ذلك كله بيّنت الآية حكم الغسل عن جنابة حيث قالت : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ...) والواضح أنّ المراد من جملة «فاطّهروا» هو غسل جميع الجسم ، لأنّه لو كان المراد جزءا خاصا منه لاقتضى ذكر ذلك الجزء ، وعلى هذا الأساس فإنّ العبارة المذكورة تعني جميع الجسم ـ وقد جاء حكم مشابه لهذا الحكم في الآية (٤٣) من سورة النساء حيث تقول:(حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
إنّ كلمة «جنبا» ـ وكما أوضحنا سابقا في الجزء الثّالث من تفسيرنا هذا ، لدى تفسير الآية (٤٣) من سورة النساء ـ مصدر ، وقد وردت بمعنى اسم الفاعل ، وتعني في الأصل «المتباعد» أو «البعيد» لأنّ الجذر الأصلي هو «جنابة» بمعنى «بعد»،وسبب إطلاق هذا اللفظ على الإنسان المجنب لأن هذا الإنسان يجب عليه أن يبتعد عن الصلاة والتوقف في المساجد وأمثالها.
وتطلق هذه الكلمة «جنب» على المفرد والجمع والمذكر والمؤنث ، وإطلاق «جار الجنب» على البعيد هو لنفس المناسبة.
ويمكن أن يستدل من الآية التي تدعو المجنب إلى الاغتسال قبل الصّلاة على أن غسل الجنابة يجزئ ، وينوب عن الوضوء أيضا.
* * *
ومن ثمّ بادرت الآية إلى بيان حكم التيمم حيث قالت : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً
__________________
(١) لقد ذكر القاموس ثلاثة معان للكعب وهي : النتوء الظاهر خلف الرجل ، والمفصل ، والنتوئين البارزين على جانبي الرجل ـ وقد بينت السنة الشريفة أن المراد في الآية ليس النتوآت المذكورات ولكن العلماء اختلفوا في هل أن المراد هو النتوء البارز خلف الرجل أو هو المفصل؟ ـ وعلى أي حال ـ فإن الاحتياط يوجب أن يكون المسح حتى المفصل.