هؤلاء العصاة ، فيقول : (فَإِنْ تابا ، وَأَصْلَحا ، فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً).
وهذا التعليم هو في الحقيقة يفتح طريق العودة ويرسم خط الرجعة لمثل هؤلاء العصاة،فإن على المجتمع الإسلامي أن يحتضن هؤلاء إذا تابوا ورجعوا إلى الطهر والصواب وأصلحوا،ولن يطردوا من المجتمع بعد هذا بحجّة الفساد والانحراف.
هذا ويستفاد من هذا الحكم أيضا ـ أنّه يجب أن لا يعير العصاة الذين رجعوا إلى جادة الصواب وتابوا وأصلحوا على أفعالهم القبيحة السابقة ، وأن لا يلاموا على ذنوبهم الغابرة ، فإذا كان الحكم الشرعي والعقوبة الإلهية يسقطان بسبب التوبة والإنابة ، فإنّ من الأولى أن يغض الناس الطرف عن سوابقهم ، وهذا بنفسه جار في من نفذ فيه الحدّ الشرعي ثمّ تاب بعد ذلك ، فإنّه يجب أن تشمله مغفرة المسلمين وعفوهم.
العقوبات الإسلامية السهل الممتنع :
قد يتساءل البعض أحيانا : لما ذا قرر الإسلام عقوبات صارمة ، وأحكاما جزائية قاسية وثقيلة؟ فمثلا : لما ذا حكم بالحبس الأبدي أوّلا على الزانية عن إحصان ، ثمّ قرّر الحكم القتل والإعدام في شأنهما في ما بعد ، ألم يكن من الأفضل أن يتّخذ الإسلام موقفا أكثر تسامحا ولينا تجاه هذه الأفعال ، لتتعادل الجريمة والعقوبة ولا يرجح أحدهما على الآخر؟
غير أنّ العقوبات الإسلامية وإن كانت تبدو في الظاهر صعبة وقاسية وثقيلة ، إلّا أنّ إثبات الجريمة في الإسلام في المقام ليس سهلا ، أيضا فقد عين الإسلام وحدد لإثبات الجريمة شروطا لا تثبت ـ في الأغلب ـ إلّا إذا وقعت الجريمة علنا.