والمرأة عند الله ، وفي مسألة الوصول إلى الدرجات المعنوية ، ولا تفرق بينهما بسبب اختلافهما في الجنس ، ولا تعتبر الفروق العضوية وما يلحقها من الفروق في المسؤوليات الاجتماعية دليلا على اختلافهما في إمكانية الحصول على درجات التكامل الإنساني وبلوغهما للمقامات المعنوية الرفيعة ، بل تعتبرهما في مستوى واحد ـ من هذه الجهة ـ ولذلك ذكرتهما معا.
إن اختلافهما في التكاليف وتوزيع المسؤوليات يشبه إلى حد كبير الاختلاف الذي تقتضيه مسألة النظام والانضباط حيث يختار شخص كرئيس ، وآخر كمعاون ومساعد، فإنّه ينبغي أن يكون الرئيس أكثر حنكة وأوسع علما ، وأكثر تجربة في مجال عمله ، ولكن هذا التفاوت والاختلاف في مراتب المسؤولية وسلم الوظائف لا يكون دليلا مطلقا على أن شخصية الرئيس وقيمته الوجودية أكثر من شخصية معاونيه ومساعديه ، وقيمتهم الوجودية.
إنّ القرآن الكريم يقول بصراحة : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) (١).
ويقول في آية اخرى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢).
هذه الآيات وغيرها من الآيات القرآنية الاخرى نزلت في عصر كان المجتمع البشري فيه يشك في إنسانية جنس المرأة أساسا ، بل ويعتقد أنها كائن ملعون ، وأنها منبع كل إثم وانحراف وموت وفساد.
لقد كان الكثير من الشعوب الماضية تذهب في نظرتها السلبية تجاه المرأة إلى درجة أنها تعتقد أحيانا إنّ عبادة المرأة وما تقدمه في سبيل الله لا تقبل ، وكان الكثير من اليونانيين يعتقدون أنّ المرأة كائن نجس وشرير وأنّها من عمل
__________________
(١) غافر ، ٤٠.
(٢) النحل ، ٩٧.