وفلسفته جلية واضحة ، لأنّه يكون بمثابة كفاح سلبي ضد مثل تلك الأعمال.
والآية هذه تكرر الحكم المذكور مرّة أخرى ، وتحذر المسلمين مذكرة إياهم بحكم سابق في القرآن نهى فيه المسلمون عن المشاركة في مجالس يستهزأ فيها ويكفر بالقرآن الكريم ، حتى يكفّ أهل هذه المجالس عن الاستهزاء ويدخلوا في حديث آخر ، تقول الآية : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ).
بعد ذلك تبيّن الآية لنا نتيجة هذا العمل ، وتؤكد أن من يشارك في مجالس الاستهزاء بالقرآن فهو مثل بقية المشاركين وسيكون مصيره نفس مصير أولئك المستهزئين ، تقول الآية:(إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ).
ثمّ تكرر الآية التأكيد على أنّ المشاركة في المجالس المذكورة تدل على الروحية النفاقية التي يحملها المشاركون ، وإن الله يجمع المنافقين والكافرين في جهنم حيث العذاب الأليم،تقول الآية : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً).
إنّ الآية تخبرنا عن عدة أمور :
١ ـ إنّ المشاركة في مجالس المعصية تكون بمثابة المشاركة في ارتكاب المعصية ، حتى لو بقي المشارك ساكتا أو ساكنا ولم يشارك في الاستهزاء بنفسه ، لأنّ السكوت في مثل هذه الأحوال دليلا على رضا صاحبه بالذنب المرتكب.
٢ ـ لو تعذر النهي عن المنكر بالشكل الإيجابي له ، فلا بدّ أن يتحقق النهي ولو بالصورة السلبية ، مثل أن يبتعد الإنسان عن مجالس المعصية ويتجنب الحضور فيها.
٣ ـ إنّ الذين يشجعون أهل المعاصي بسكوتهم وحضورهم في مجالس المعصية ، إنّما يجازون ويعاقبون بمثل عقاب العاصين أنفسهم.