كلاهما يعودان إلى حقيقة واحدة.
٢ ـ إنّ الإسلام يرى أن المحيط السالم الذي يمكن للإنسان أن يعيش فيه ، هو ذلك المحيط الذي يوفّر الحرية للإنسان ، ويضمن له العمل بما يعتقد دون مانع أو أذى ، ويرى الإسلام ـ أيضا ـ أنّ المحيط الذي يسوده الكبت والإرهاب والقمع ، ولا يستطيع المسلم فيه إظهار عقيدته أو إعلان إسلامه ، فهو محيط لا يجدر بالإنسان المسلم أن يبقى فيه ، لذلك فإن الآية تنقل عن المؤمنين دعاءهم إلى الله لكي يخلصهم من مثل هذا الجو المليء بالقمع والإرهاب.
وعلى الرغم من أن مكّة كانت ملجأ وملاذا للمهاجرين ، فإنّ تفشي الظلم فيها جعل المؤمنين يدعون الله لإنقاذهم من ظلم أهل هذه المدينة ، وييسر لهم سبيلا إلى الخروج منها.
٣ ـ وفي نهاية الآية نرى أنّ المؤمنين الذين يعانون من محيطهم الظالم ، يسألون الله أن يبعث لهم من يتولى شؤونهم ، وأن يمدهم ـ أيضا ـ بمن ينصرهم على الظالمين ويخلصهم من مخالبهم ، ويفهم من هذه الآية أهمية القيادة الصالحة ، وأهمية قدرة هذه القيادة في إنقاذ المظلومين وضرورة امتلاكها من العدد والعدّة ما يمكنها من القيام بمسؤوليتها الخطيرة هذه.
بذلك نستنتج من الآية العناصر التي يجب أن تتوفر في كل قيادة إسلامية ، وهي كما يلي :
أ ـ أن تكون القيادة صالحة (بما في كلمة الصلاح من شمولية)
ب ـ أن تكون قوية مقتدرة (أن تملك العدد والعدّة الكافيين ، بالإضافة إلى الخطط العسكرية التي تضمن نجاح استخدام القوّة الموجودة).
٤ ـ تبيّن الآية أنّ المؤمنين يطلبون حاجاتهم من الله العلي القدير وحده ، ولا يلجئون إلى غيره في حوائجهم ، حتى أنّهم يسألون الله أن يمدهم بمن يتولى الدفاع عنهم وينصرهم على الظالمين.
* * *