كما أنّه يستفاد من الآيات الحاضرة ضمنا هذه الحقيقة ، وهي أنّ مسألة مرافقة الصالحين وصحبة الرفقاء الطيبين لها من الأهمية بحيث تعتبر في الآخرة الجزء المكمل للنعم الإلهية الكبرى التي يمنّ الله بها على المطيعين في الجنّة ، فهم علاوة على كل ما يحصلون عليه من نعم وميزات سيحظون بمرافقة رفقاء كالأنبياء والصّديقين والشّهداء والصّالحين.
ولعلنا في غنى عن التذكير بأن معاشرة المطيعين لهذه الطوائف الأربع ليس معناه أنّهم في منزلتهم ورتبتهم ، وإنّهم في درجتهم من جميع الجهات ، بل يعني أن لكل واحد منهم ـ مع معاشرة بعضهم لبعض ـ سهما خاصا (يتناسب ومقامه) من المواهب والألطاف الإلهية، فهم كأشجار بستان واحد ووروده وأعشابه ، فهي مع كونها مجتمعة متجاوزة ومع أنّها تستفيد برمتها من ضوء الشمس والمطر ، ولكنها ليست متساوية في حجم الاستفادة من تلك العناصر ، كما أنّها ليست متساوية في القيمة.
ثمّ يبيّن سبحانه في الآية اللاحقة أهمية هذا الامتياز الكبير (أي مرافقة تلك الصفوة المختارة) إنّ هذه الهبة من جانب الله ، وهو عليم بأحوال عباده ونواياهم ومؤهلاتهم : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ ، وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) ، فلا يخطئ في الإثابة والجزاء حيث أن «ذلك»إشارة إلى البعيد لهذا يوحي في هذه الموارد إلى أهمية المقام وعلوه.
* * *