بأنفسهم دون غيرهم (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (١).
فبالنظر إلى أنّ هذه الأحكام التي يطلقها اليهود صادرة عن مثل هذه النفسية المريضة التي تسعى دائما إلى الاستئثار بكل شيء لأنفسهم أو لغيرهم ممن يعملون لصالحهم ، على المسلمين أن لا يتأثروا بأمثال هذه الأحاديث والأحكام وأن لا يقلقوا لها.
٢ ـ إنّ هذه الأحكام الباطلة ناشئة من حسدهم البغيض للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته المكرمين ، ولهذا تفقد أية قيمة ، إنّهم إذ خسروا مقام النبوة والحكومة بظلمهم وكفرهم،لذلك لا يحبّون أن يناط هذا المقام الإلهي إلى أي أحد من الناس ، ولذا يحسدون النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الذين شملتهم هذه الموهبة الإلهية وأعطوا ذلك المقام الكريم وذلك المنصب الجليل، ولأجل هذا يحاولون بإطلاق تلك الأحكام الباطلة وتلك المزاعم السخيفة أن يخففوا من لهيب الحسد في كيانهم : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).
ثمّ أن الله سبحانه يقول معقبا على هذا : ولما ذا تتعجبون من إعطائنا النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وبني هاشم ذلك المنصب الجليل وذلك المقام الرفيع ، وقد أعطاكم الله سبحانه وأعطى ال إبراهيم الكتاب السماوي والعلم والحكمة والملك العريض (مثل ملك موسى وسليمان وداود) ولكنّكم ـ مع الأسف ـ أسأتم خلافتهم ففقدتم تلكم النعم المادية والمعنوية القيمة بسبب قسوتكم وشروركم : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً).
والمراد من الناس في قوله : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) ـ كما أسلفنا ـ هم رسول الله وأهل بيته عليهمالسلام ، لإطلاق لفظة الناس على جماعة من الناس ، وأمّا إطلاقها على شخص واحد (هو النّبي خاصّة) فلا يصح ما لم تكن هناك قرينة على إرادة
__________________
(١) «النقير» مشتقة من مادة النقر (وزن فقر) الدق في شيء بحيث يوجد فيه ثقبا واشتق منه المنقار ، وقال بعض :
النقير وقبّة صغيرة جدّا في ظهر النّواة ويضرب به المثل في الشيء الطفيف.