عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) : قال القائلون بأنّ الآية في المتعة : هذا إشارة إلى ما تراضيا عليه من زيادة في مدّة المتعة في أوّل الإسلام ، فإنّه كان يتزوّج الرجل المرأة شهراً على دينار مثلاً ، فإذا انقضى الشهر فربّما كان يقول : زيديني في الأجل أزدك في المهر ، فبيّن أنّ ذلك كان جائزاً عند التراضي.
قال أبو الوليد محمد بن أحمد القرطبي الشهير بابن رشد المتوفّى (٥٩٥) في بداية المجتهد (٢ / ٥٨) : اشتهر عن ابن عبّاس تحليلها ـ المتعة ـ وتبع ابن عبّاس على القول بها أصحابه من أهل مكة وأهل اليمن ورووا : أنّ ابن عبّاس كان يحتجّ لذلك بقوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) وفي حرف عنه : إلى أجل مسمّى.
٩ ـ ذكر أبو عبد الله فخر الدين الرازي الشافعي المتوفّى (٦٠٦) في تفسيره الكبير (١) (٣ / ٢٠٠) قولين في الآية ، وقال : أحدهما قول أكثر العلماء.
والقول الثاني : إنّ المراد بهذه الآية حكم المتعة وهي عبارة أن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معيّن فيجامعها ، واتّفقوا على أنّها كانت مباحة في ابتداء الإسلام واختلفوا في أنّها هل نُسخت أم لا؟ فذهب السواد الأعظم من الأُمّة إلى أنّها صارت منسوخة. وقال السواد منهم : إنّها بقيت مباحة كما كانت ، وهذا القول مرويّ عن ابن عبّاس وعمران بن الحصين ، أمّا ابن عبّاس فعنه ثلاث روايات ـ ثمّ ذكر الروايات ـ فقال : وأمّا عمران بن الحصين فإنّه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ولم ينزل بعدها آية تنسخها ، وأمرنا بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتمتّعنا بها ومات ولم ينهنا عنه ، ثمّ قال رجل برأيه ما شاء.
وذكر في صحيفة (٢٠١) قراءة أُبيّ وابن عبّاس كما مرّ عن الطبري. وقال
__________________
(١) التفسير الكبير : ١٠ / ٤٩ و ٥١ و ٥٣.