أحد من الناس» (١). وفي حديث آخر عند البخاري (٢) : فقال عليّ : «ما تريد إلاّ أن تنهى عن أمر فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٣).
وقد بلغت شدّة نكير عثمان على من تمتّع إلى حدّ كاد أن يقتل من جرّائه مولانا أمير المؤمنين. أخرج أبو عمر في كتاب جامع العلم (٤) (٢ / ٣٠) وفي مختصره (٥) صحيفة (١١١) ، عن عبد الله بن الزبير ؛ أنّه قال : أنا والله لمع عثمان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام وفيهم حبيب بن مسلمة الفهري ، إذ قال عثمان وذكر له التمتّع بالعمرة إلى الحجّ : أن أتمّوا الحجّ وخلّصوه في أشهر الحجّ ، فلو أخّرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل فإنّ الله قد وسّع في الخير. فقال له عليّ : «عمدت إلى سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ورخصة رخّص للعباد بها في كتابه ، تضيّق عليهم فيها وتنهى عنها ، وكانت لذي الحاجة ولنائي الدار» ، ثمّ أهلَّ بعمرة وحجّة معاً ، فأقبل عثمان على الناس فقال : وهل نهيت عنها؟ إنّي لم أنهَ عنها إنّما كان رأياً أشرت به ، فمن شاء أخذ به ، ومن شاء تركه.
قال : فما أنسى قول رجل من أهل الشام مع حبيب بن مسلمة : أُنظر إلى هذا كيف يخالف أمير المؤمنين؟ والله لو أمرني لضربت عنقه. قال : فرفع حبيب يده فضرب بها في صدره وقال : اسكت فضَّ الله فاك ؛ فإنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلم بما يختلفون فيه.
وبما ذكر يظهر فساد بقيّة ما قيل من الوجوه المبرّرة لرأي الخليفة ، ومن ابتغى
__________________
(١) صحيح البخاري : ٣ / ٦٩ [٢ / ٥٦٧ ح ١٤٨٨] طبع سنة ١٢٧٩ في عشر مجلّدات ، سنن النسائي : ٥ / ١٤٨ [٢ / ٣٤٥ ح ٣٧٠٣] ، سنن البيهقي : ٤ / ٣٥٢ و ٥ / ٢٢. (المؤلف)
(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٥٦٩ ح ١٤٩٤.
(٣) وأخرجه مسلم في صحيحه : ١ / ٣٤٩ [٣ / ٦٨ ح ١٥٩ كتاب الحجّ]. (المؤلف)
(٤) جامع بيان العلم : ص ٢٤٥ ح ١٢٨٢.
(٥) مختصر جامع بيان العلم : ص ١٩٨.