وعندما قال أهل الدين الحقّ ، أتباع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وآله عليهمالسلام : إنَّ هذا محال ، وإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يمكن أن يعرّض دينه للاضطراب واُمّته للفتن والنزاع ، فلا يدعهم بلا إمام قادر على حملهم على المحجّة البيضاء ، عالم بتفصيل ما في الكتاب والسنّة لا يجهل منهما شيئاً ، مُنزّه عن الميل إلى الدنيا ومتابعة الهوى .. وهذا هو الذي جاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمر ربه تعالى فإنّه ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إلاَّ وَحيٌّ يُوحَى ) (١) ، وهو الذي قرأناه في جملة من أحاديثه الشريفة الصحيحة آنفاً .. (٢).
عندما قال أهل الدين الحقّ بهذا ، وأسموه « الوجوب العقلي على الله تعالى » أي أنّه تعالى يستحيل أن يترك ذلك ، فقد كتب على نفسه الرحمة .. خالفهم المتسمّون بغير إسمهم ، وقالوا : لا يجب على الله شيء ولا يستحيل منه شيء ، فنسبوا إليه حتى القبائح تعالى الله عمّا يصفون ، فقالوا : « إنّه عز وجل قادر على أن ينسخ التوحيد !! وعلى أن يأمر بالتثنية والتثليث وعبادة الأوثان !! وأنّه تعالى لو فعل ذلك لكان حكمة وعدلاً وحقّاً ، ولكان التوحيد كفراً وظلماً وعبثاً !! ... وأنّه لو أراد أن يتّخذ ولداً لاصطفى ممّا يخلُق ما يشاء» (٣) !! هكذا جوّزوا أقبح المنكرات على الله تبارك وتعالى لجاجة وعناداً وعصبيّةً !!
وإذا قيل لهم كيف يجوز أن تنسبوا إلى الله تعالى القبائح ؟! قالوا إنّ الله تعالى لا يجب عليه شيء ، وإذا قلتم يمتنع نسبة القبائح إليه فقد أوجبتم على الله تركها ، ولا يجب على الله شيء !! انظر هذه السطحية في التفكير ،
__________________
(١) النجم ٥٣ : ٣ ـ ٤.
(٢) راجع المبحث الأول من هذا الفصل.
(٣) الإحكام في أُصول الاحكام ، لابن حزم ٤ : ٤٧٥ ـ ٤٧٦.