لتبليغ سورة براءة ـ هبط جبرئيل عليهالسلام ، فقال : « يا محمّد : لا يبلّغنَّ رسالتك إلاّ رجلٌ منك ، فأرسل عليّاً .. » (١).
وأخيراً ختم القرآن الكريم هذا الموضوع الحيوي والمهم أي عملية الإعداد الفكري والتربوي في آخر ما نزل منه في آية التبليغ ثم في آية إكمال الدين بعد حديث الغدير المشهور ، وعنده لم يعد هناك عذرٌ لمعتذر. وقصة الغدير ـ كما تناقلها الرواة مع بعض الاختلاف ـ هي كما يأتي :
لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من حجة الوداع ، نزل عليه الوحي مُشدِّداً ( يآ أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٢) فحط الركبُ عندَ غدير خمّ ، وجمع الناس في منتصف النهار ، والحرُّ شديد ، وخطب فيهم قائلاً ، « كأني قد دُعيت فأجبتُ وإني تركتُ فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتابَ الله وعترتي ـ وفي رواية مسلم (٣) وأهل بيتي ـ فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ... » ثم قال : « إنَّ الله مولاي ، وأنا مولى كلِّ مؤمن » ، ثم أخذ بيد عليٍّ فقال : « من كنتُ مولاه فهذا وليُّه ـ فهذا مولاه (٤) ـ اللّهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، واخذُل من خذله ،
__________________
(١) الكشاف ٢ : ٢٤٣.
(٢) المائدة ٥ : ٦٧ ، قال الواحدي في أسباب النزول : ١٣٥ ، نزلت في غدير خم.
(٣) صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٤.
(٤) سنن الترمذي ٥ : ٥٩١. والتاج الجامع للاُصول ٣ : ٣٣٣ ، أخرجه عن زيد بن أرقم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.