حتى يجمع القرآن في مصحف ، ففعل » (١).
وقد صَرّح بهذا ابن النديم (٢) ، كما ذُكر في اتقان السيوطي ، وسنن أبي داود ، وحلية الأولياء لأبي نعيم ، والأربعين للخطيب البغدادي وغيرها فيما تتبعه السيد حسن الصدر (٣).
إذن ، هناك من وافق الكليني من العامّة بأنّ للإمام عليٍّ عليهالسلام مصحفاً جمع فيه آيات القرآن الكريم ، ولم يسبقه أحدٌ من الصحابة إلى ذلك كما هو صريح رواية ابن سيرين.
وأمّا عن طبيعة هذا المصحف الشريف وماهيّته ، فإنَّ ذلك يُعرف من تدبّر رواية الكافي المتقدمة ، فإنَّ عبارة ( كما اُنْزِل ) و ( كما نَزَّله الله تعالى ) فيهما إشارة واضحة إلى أنّ طريقة الجمع كانت على ترتيب نزول الآيات ، وليس على الترتيب المتعارف اليوم من وجود بعض السور المدنية التي تحتوي على آيات مكية ، وبالعكس.
ولتوضيح ذلك نضرب المثال التالي ، فنقول :
إنّ آية التطهير وهي قوله تعالى : ( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ) (٤) لا يوجد نصٌ واحد في جميع كتب الحديث والتفسير قط يشير إلى نزولها مع آية اُخرى ، بل جميع النصوص المرويّة في المقام لدى الفريقين تصرح بنزولها مستقلة ، ومن كان له أدنى
__________________
(١) المصاحف : ١٦.
(٢) فهرست ابن النديم : ٤١.
(٣) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ، للسيد حسن الصدر : ٣١٦.
(٤) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.