وإذا كانت مذاهب العلماء تعرف من خِلال أبوابهم كما يدعي هؤلاء ، فَلِمَ لا يكون مذهب الكليني هو رد كل حديث لا يوافق كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والحكم عليه بأنه من زخرف القول ، وأنّه لم يقله نبيٌّ ولا وصيٌّ ؟
ومن ثم فإن الباب الذي عقده الكليني في اُصول الكافي بعنوان : « إنّه لم يجمع القرآن كله إلاّ الأئمة عليهمالسلام وإنّهم يعلمون علمه كله » لا دلالة في العنوان على وجود نقص في آيات القرآن الكريم الموجود عندنا ولا زيادة فيها في ما جمعه الأئمة عليهمالسلام ، وهذا ما أوضحه الكليني نفسه في أحاديث الباب المذكور ، وربما قد لا يتفطن لذلك إلاّ النابه الذكي.
فقد جاء في الحديث الأول من الباب المذكور بسند صحيح عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : « ما ادّعى أحدٌ من النّاس أنّه جمع القرآن كله كما اُنزِل إلاّ كذابٌ ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام والأئمة من بعده عليهمالسلام » (١).
وفهم هذا الحديث على حقيقته لا يتم إلاّ ببيان جهتين :
الاُولى : إثبات أنّ للإمام عليٍّ عليهالسلام مصحفاً.
والاُخرى : بيان ماهية هذا المصحف. فنقول :
أمّا إثبات أنّ للإمام عليٍّ عليهالسلام مصحفاً ، فهذا ما صرّح به أعلام العامّة أنفسهم ، فقد أخرج السجستاني بسنده عن ابن سيرين قال : « لما توفي النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلم أقسم عليٌّ أن لا يرتدي برداء الا لِجُمْعَةٍ
__________________
(١) اُصول الكافي ١ : ١٧٨ / ١.