الرواية ؛ لأنه هو نفسه الذي صنفها في باب النوادر ، وهو نفسه الذي روى حديث ترك الشاذ النادر ، فكيف يُعقل بعدئذ القول باعتقاده بصحة ما رواه في خصوص ذلك المورد الشاذ النادر ؟!
فاذا ضُمّ هذا إلى ما تقدم من عدم وجود القائل بقطعية صدور أخبار الكافي ، وعدم تصريح الكليني ولا شهادته بصحة جميع ما في كتابه ، مع ما ذكره من قواعد تمييز الخبر الصحيح من غيره في باب كامل من أبواب أصول الكافي ، ذكر فيه اثني عشر حديثاً بمعرفة تلك القواعد (١) ، وأولاها الأخذ بما وافق شواهد الكتاب العزيز ، والسُنّة الثابتة. عُلِمَ حقيقة موقف الكليني من أخبار الآحاد النّادرة الشّاذة التي لم تعتضد بقرينة عقلية أو نقلية مع مخالفتها لاجماع الشيعة الإمامية على نفي التحريف عن ساحة القرآن الكريم نفياً باتاً كما هو صريح كلام الشيخ الصدوق ( ت ٣٨١ ه ) ، والشيخ المفيد ( ت ٤١٣ ه ) ، والسيد المرتضى ( ت ٤٣٦ ه ) ، والشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ ه ) ، وغيرهم الكثير من أعلام الطائفة وشيوخها كما استقرأه العلاّمة السيّد عليّ الميلاني في كتابه ( التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف ) (٢).
ولكن قد يقال : بأنه إذا كان رأي الكليني كما ذكرتم إزاء هذا الخبر فلماذا رواه اذن ؟! وهل هنالك من فائدة في رواية خبر مكذوب مثلاً ؟!
__________________
(١) اُصول الكافي ١ : ٥٥ / ١ ـ ١٢.
(٢) وقد سبق وان أصدر مركزنا كتاباً بعنوان (سلامة القرآن من التحريف) وفيه جملة وافية لمن أراد الوقوف على معرفة أدلة الشيعة الإمامية على نفي التحريف عن القرآن الكريم واثبات سلامته بأدلة شتى من القرآن الكريم والسُنّة المتواترة وسيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيرة أهل البيت عليهمالسلام والاجماع والعقل والتاريخ.