فقالت وفود بني العنبر أُخِذنا يا رسولَ الله مسلمين غيرَ مشْركين حين خَضْرَمنا النَّعَم. فردَّ النبي صلىاللهعليهوسلم ذراريَّهم وعَقارَ بيوتهم. قال أبو الفضل : قال الحربيّ : ردّ النبي صلىاللهعليهوسلم ذراريَّهم لأنه لم يَرَ أن يَسبيَهم إلَّا على أمرٍ صحيح ، ووجَدَهم مُقِرّين بالإسلام. قال إبراهيم : أراد بعَقار بيوتهم أرَضِيهم.
قلت : غلط أبو إسحاق في تفسير العَقَار هاهنا ، وإنما أراد بعقار بيوتهم أمتعةَ بيوتهم من الثياب والأدوات.
أخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : أنشدني أبو مَحْضَة قصيدةً وأنشدَني منها أبياتاً ، فقال : هذه الأبياتُ عَقَار هذه القصيدة ، أي خيارُها. قال : وعَقارُ البيت ونَضَده : متاعُه الذي لا يبتذَل إلا في الأعياد والحقوقِ الكبار. قال : ومنه قيل : البُهْمَى عُقْر الكلأ ، أي خير ما رعَت الإبل. وقال : بيتٌ حسنُ الأهَرة ، والظَّهَرَة ، والعَقار.
قلت : والقول ما قال ابنُ الأعرابيّ : وعَقار كلّ شيءٍ : خياره.
وقال أبو عبيد : سمعتُ الأصمعيّ يقول : عُقر الدار : أصلُها في لغة أهل الحجاز ، فأمّا أهل نجدٍ فيقولون عَقْر. قال : ومنه قيل العَقَار ، وهو المنزل ، والأرضُ ، والضِّياع. قال : وقال أبو عبيدة : العُقْر والعُقُر ، يخفّف ويثقّل : مؤخّر الحوض. قال : ويقال للناقة التي تشرب من عُقر الحوض عَقِرة.
وقال ابن الأعرابي : مَفْرغ الدلو من مؤخّره عُقْره ، ومن مقدَّمه إزاؤه.
قال أبو عبيد : العَقَاراء : اسم موضع.
وأنشد لحميد بن ثور يصف الخمر :
ركودُ الحُميَّا طَلَّةٌ شابَ ماءَها |
لها من عَقاراء الكروم زَبيبُ |
قال شمر : ويروى هذا البيت لحميد :
«لها من عُقارات الكروم رَبيبُ»
. قال : والعُقارات : الخمور. رَبيب ، من يربُّها ويملكها.
أبو عبيد عن الأصمعي : العُقار : اسم للخمر.
وروى شمرٌ عن ابن الأعرابيّ : سمّيت الخمر عُقاراً لأنها تَعقِر العقل. وقال غيره : سمِّيت عُقاراً لأنها تلزم الدَّنَّ. يقال عاقَره ، إذا لازمَه وداومَ عليه. والمعاقرة : الإدمان. وقيل : سمِّيت عقاراً لمعاقرتها الدنَّ ، أي ملازمتها إياه.
أبو عبيد عن الأصمعي قال : المِعقَر من الرِّحال : الذي ليس بواقٍ. قال أبو عبيد : لا يقال مِعقَرٌ إلّا لما كانت تلك عادتَه.
فأمّا ما عَقَر مَرَّةً فلا يكون إلّا عاقراً. قال أبو عبيد : وقال أبو زيد : سَرج عُقر.
وأنشد قول البَعيث :
ألحَّ على أكتافهم قَتَب عُقَرْ
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «خَمسٌ مَن قتلهنَّ وهو حرامٌ فلا جُناح عليه : العقرب ، والفأرة ، والغراب ، والحِدأ ، والكلب العقور». قال أبو عبيد : بلغني عن سفيان بن عيينة أنه قال : معناه كل سبع عَقور ولم يخصّ به الكلب. قال أبو