زيد ، ويا عمرو» والإمامة إنما تكون في الاسم والفعل ، دون الحرف ، فلما جازت فيها الإمالة دلّ على أنها قد قامت مقام الفعل ، والوجه الثاني : أن لام الجر تتعلق بها نحو «يا لزيد ، ويا لعمرو» فإن هذه اللام لام الاستغاثة ، وهي حرف جر ؛ فلو لم تكن «يا» قد قامت مقام الفعل وإلا لما جاز أن يتعلق بها حرف الجر ؛ لأن الحرف لا يتعلق بالحرف ، فدلّ على أنها قد قامت مقام الفعل ، ولهذا زعم بعض النحويين أن فيها ضميرا كالفعل.
وذهب بعض البصريين إلى أن «يا» لم تقم مقام أدعو ، وأن العامل في الاسم المنادى أدعو المقدر ، دون يا ، والذي عليه الأكثرون هو الأول.
فإذا ثبت بهذا أنه منصوب ، إلا أنهم بنوه على الضم لما ذكرنا.
والذي يدل على أنه في موضع نصب أنك تقول في وصفه «يا زيد الظريف» بالنصب حملا على الموضع ، كما تقول «يا زيد الظريف» بالرفع حملا على اللفظ ، كما تقول «مررت بزيد الظريف والظريف» فالجر على اللفظ ، والنصب على الموضع ، فكذلك هاهنا : نصب لأن المنادى المفرد في موضع نصب لأنه مفعول ، وهذا هو الأصل في كل منادى ، ولهذا لمّا لم يعرض للمضاف والمشبه بالمضاف ما يوجب بناءهما كالمفرد بقيا على أصلهما في النصب.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين ، أما قولهم «إن المنادى لا معرب له يصحبه» قلنا : لا نسلم ، وقد بيّنا ذلك في دليلنا.
وقولهم «إنّا رفعناه» قلنا : وكيف رفعتموه ولا رافع له؟ وهل لذلك قطّ نظير في العربية؟ وأين يوجد فيها مرفوع بلا رافع أو منصوب بلا ناصب أو مخفوض بلا خافض؟ وهل ذلك إلا تحكم محض لا يستند إلى دليل؟! ثم نقول : ولم رفعتموه بلا تنوين؟ قولهم «ليكون بينه وبين ما هو مرفوع برافع فرق» قلنا : هذا باطل ؛ فإن فيما يرفع بغير تنوين ما هو صحيح الإعراب ، وذلك الاسم الذي لا ينصرف.
وقولهم «إنّا حملنا المضاف على لفظ المنصوب لكثرته في الكلام» قلنا : هذا يبطل بالمفرد ؛ فإنه كان ينبغي أن يحمل على النصب لكثرته في الكلام ، فلما لم يحمل المفرد على النصب دل على أنه ليس لهذا التعليل أصل.
وأما قول الفراء «إن الأصل في النداء أن يقال يا زيداه [١٤٦] كالندبة» فمجرد دعوى يفتقر إلى دليل.
وقوله «إن الألف المزيدة في آخره بمنزلة المضاف إليه ، فلما حذفوها بنوه على الضم ، كما إذا حذف المضاف إليه من قبل ومن بعد» قلنا : هذا يبطل