١٠
مسألة
[القول في العامل في الاسم المرفوع بعد لو لا](١)
ذهب الكوفيون إلى أن «لو لا» ترفع الاسم بعدها ، نحو «لو لا زيد لأكرمتك» ، وذهب البصريون إلى أنه يرتفع بالابتداء.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : [٣٧] إنما قلنا إنها ترفع الاسم بعدها لأنها نائبة عن الفعل الذي لو ظهر لرفع الاسم ؛ لأن التقدير في قولك «لو لا زيد لأكرمتك» لو لم يمنعني زيد من إكرامك لأكرمتك ، إلا أنهم حذفوا الفعل تخفيفا ، وزادوا «لا» على «لو» فصار بمنزلة حرف واحد ، وصار هذا بمنزلة قولهم «أمّا أنت منطلقا انطلقت معك» والتقدير فيه : أن كنت منطلقا انطلقت معك ، قال الشاعر :
[٣٢] أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع |
والتقدير فيه : أن كنت ذا نفر ، فحذف الفعل ، وزاد «ما» على أن عوضا عن
______________________________________________________
[٣٢] هذا البيت للعباس بن مرداس السلمي ، وقد أنشده سيبويه (١ / ١٤٨) وابن منظور (ض ب ع) ونسبه له ، وهو من شواهد الأشموني (رقم ٢٠٧) وابن هشام في أوضح المسالك (رقم ٩٧) وابن عقيل (رقم ٧٤) وأبو خراشة : كنية خفاف بن ندبة أحد أغربة العرب ، وقد أسلم وشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حنينا ، وقيل : شهد فتح مكة. وذا نفر : يريد به ذا رهط كثير العدد ، وأصل الضبع الحيوان المعروف ثم استعير للسنة المجدبة ، يقول : إن كنت تفخر علينا بكثرة عدد قومك ، فإن لا فخر لك في ذلك ؛ لأن قومي لم تكن قلتهم بسبب موتهم في القحط والجماعة ، والاستشهاد بالبيت في قوله «أما أنت» فإن أصل هذه العبارة «أن كنت» فحذفت كان ثم عوض عنها «ما» وأدغمت ميم ما في نون أن ، فتاب هذا الحرف الذي هو ما مناب فعل هو كان ، قالوا : وإذا ناب منابه أدى ما كان الفعل يؤديه ، وقد كان هذا الفعل يرفع الاسم الذي بعده ، فما رافعة له ، وقد أوضح المؤلف هذا الكلام.
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : حاشية الصبان على الأشموني (١ / ٢٠٧ و ٤ / ٤٠ بولاق) والتصريح للشيخ خالد (١ / ٢١٢ و ٢ / ٣٣٠ بولاق) ومغني اللبيب لابن هشام (ص ٢٧٢ بتحقيقنا) وشرح موفق الدين بن يعيش على مفصل الزمخشري (ص ١١٦ أوربة) وشرح الرضي على الكافية (١ / ٩٣).