٤٠
مسألة
[«كم» مركّبة أو مفردة؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أن «كم» مركّبة. وذهب البصريون إلى أنها مفردة موضوعة للعدد.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا ذلك لأن الأصل في كم «ما» زيدت عليها الكاف ؛ لأن العرب قد تصل الحرف في أوله وآخره ، فما وصلته في أوله نحو : «هذا ، وهذاك» وما وصلته في آخره نحو قوله تعالى : (إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ) [المؤمنون : ٩٣] فكذلك هاهنا : زادوا الكاف على «ما» فصارتا جميعا كلمة واحدة ، وكان الأصل أن يقال في «كم مالك» : كما مالك ، إلا أنه لما كثرت في [١٣٤] كلامهم وجرت على ألسنتهم حذفت الألف من آخرها وسكنت ميمها ، كما فعلوا في «لم» فصار «كم مالك» والمعنى : كأيّ شيء مالك من الأعداد ، والدليل على ذلك قولهم «كأيّن من رجل رأيت» أي : كم من رجل رأيت ، ونظير كم «لم» فإن الأصل في لم «ما» زيدت عليها اللام ؛ فصارتا جميعا كلمة واحدة ، وحذفت الألف لكثرة الاستعمال وسكنت ميمها ، فقالوا : لم فعلت كذا؟ قال الشاعر :
يا أبا الأسود لم أسلمتني |
|
لهموم طارقات وذكر؟ [١٣١] |
وقال الآخر :
[١٨٣] يا أسديّ لم أكلته لمه؟ |
|
لو خافك الله عليه حرّمه |
فما قربت لحمه ولا دمه |
______________________________________________________
[١٨٣] أنشد ابن منظور هذا الشاهد (روح) ونسبه إلى سالم بن دارة ، ولكنه روى أوله «يا فقعسي» والفقعسي : المنسوب إلى فقعس ، والأسدي : المنسوب إلى أسد ، و «لم» مؤلفة من لام الجر مكسورة و «ما» الاستفهامية ، وقد حذف ألف «ما» الاستفهامية لدخول حرف ـ
__________________
(١) انظر قبل كل شيء مناقشة الفريقين في المسألة الخامسة والعشرين ، ثم انظر : شرح الأشموني وحاشية الصبان عليه (٤ / ٧٠ بولاق) وشرح الكافية لرضي الدين (٢ / ٨٩) ولسان العرب (ك م م).