[١٣] ٣
مسألة
[القول في إعراب المثنى والجمع على حدّه](١)
ذهب الكوفيّون إلى أن الألف والواو والياء في التثنية والجمع بمنزلة الفتحة والضمة والكسرة في أنها إعراب ، وإليه ذهب أبو علي قطرب بن المستنير ، وزعم قوم أنه مذهب سيبويه ، وليس بصحيح. وذهب البصريون إلى أنها حروف إعراب. وذهب أبو الحسن الأخفش وأبو العباس المبرد وأبو عثمان المازني إلى أنها ليست بإعراب ولا حروف إعراب ، ولكنها تدل على الإعراب. وذهب أبو عمر الجرمي إلى أن انقلابها هو الإعراب ، وحكى عن أبي إسحاق الزّجّاج أن التثنية والجمع مبنيان ، وهو خلاف الإجماع.
أما الكوفيّون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أنها إعراب كالحركات أنها تتغير كتغير الحركات ، ألا ترى أنك تقول : قام الزّيدان ، ورأيت الزيدين ، ومررت بالزيدين. وذهب الزيدون ، ورأيت الزيدين ، ومررت بالزيدين ، فتتغير كتغير الحركات ، نحو «قام زيد ، ورأيت زيدا ، ومررت بزيد» وما أشبه ذلك ، فلما تغيرت كتغير الحركات دل على أنها إعراب بمنزلة الحركات ، ولو كانت حروف إعراب لما جاز أن تتغير ذواتها عن حالها ؛ لأن حروف الإعراب لا تتغير ذواتها عن حالها ، فلما تغيرت تغير الحركات دلّ على أنها بمنزلتها ؛ ولهذا سماها سيبويه حروف الإعراب ؛ لأنها الحروف التي أعرب الاسم بها ، كما يقال : حركات الإعراب ـ أي الحركات التي أعرب الاسم بها ـ والذي يدلّ على ذلك أنه جعل الألف في التثنية رفعا فقال : يكون في الرفع ألفا ، وجعل الياء فيها جرا فقال : يكون في الجر ياء مفتوحا ما قبلها ، وجعل الياء أيضا نصبا حملا على الجر فقال :
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الرضي على كافية ابن الحاجب (٢ / ١٦٠) وشرح موفق الدين بن يعيش على المفصل (ص ٦٣ و ٥٨٨ أوربة) وشرح الأشموني (١ / ٤٤ ـ بتحقيقنا) وحاشية الصبان (١ / ٨٠ بولاق) وتصريح الشيخ خالد (١ / ٧٧ بولاق).