[١٣٢] ٣٩
مسألة
[هل تكون «سوى» اسما أو تلزم الظرفية؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أنّ «سوى» تكون اسما وتكون ظرفا. وذهب البصريون إلى أنها لا تكون إلا ظرفا.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أنها تكون اسما بمنزلة «غير» ولا تلزم الظرفية أنهم يدخلون عليها حرف الخفض ، قال الشاعر :
[١٧٨] ولا ينطق المكروه من كان منهم |
|
إذا جلسوا منّا ولا من سوائنا |
______________________________________________________
[١٧٨] هذا البيت من شواهد سيبويه (١ / ١٣ و ٢٠٣) وأنشده ابن منظور (س وى) وقد استشهد به الأشموني (رقم ٤٥٤) وابن عقيل (رقم ١٧١) والبيت من كلام المرار بن سلامة العجلي ، وقد نسب في كتاب سيبويه إليه مرة (١ / ١٣) ونسب مرة أخرى (١ / ٢٠٣) لرجل من الأنصار غير معين ، وقوله «ولا ينطق المكروه» يروى مكانه في «ولا ينطق الفحشاء» والفحشاء : الكلام القبيح ، تقول : (أفحش الرجل في كلامه ، وفحش ـ بتشديد الحاء ـ وتفحش ؛ إذا أردت أنه يتكلم بقبيح الكلام ، وقوله «إذا جلسوا» رويت هكذا في كتاب سيبويه (١ / ١٣) ورويت فيه أيضا (١ / ٢٩٣) «إذا قعدوا» والمعنى واحد. والاستشهاد بالبيت في قوله «ولا من سوائنا» حيث أتى بسواء مجرورة بمن ، والكوفيون يستدلون بهذا البيت ونحوه على أن «سوى» تخرج عن النصب على الظرفية إلى التأثر بالعوامل فتقع مبتدأ وفاعلا واسما لأن ومجرورا بحروف الجر ، وسيبويه وشيخه الخليل ينكران ذلك ، ويزعمان أنها بجميع لغاتها لا تخرج عن النصب على الظرفية إلا في ضرورة الشعر ، ولكن كثرة الشواهد الواردة عن العرب المحتج بكلامهم ـ وفيها استعمال هذه الكلمة في مواضع كثيرة من مواضع الإعراب ـ ترجح مذهب الكوفيين ، وقريب منه مذهب الرماني وأبي البقاء العكبري : زعما أن «سوى» تستعمل ظرفا وتستعمل غير ظرف ، إلا أن مجيئها منصوبة على الظرفية أكثر ، وقد رجحه ابن هشام في مغني اللبيب ، قال «وإلى مذهبهما أذهب» اه.
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الأشموني (٢ / ٤٧٦ بتحقيقنا) وحاشية الصبان (٢ / ١٤١ بولاق) وتصريح الشيخ خالد (١ / ٤٣٦) وشرح رضي الدين على الكافية (١ / ٢٢٧) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ٢٩٨) وشرح ابن عقيل (١ / ٥١٧ بتحقيقنا) ولسان العرب (س وى).