ويستخرج اليربوع من نافقائه |
|
ومن جحره بالشّيخة اليتقصّع |
فأدخل الألف واللام على الفعل ، وأجمعنا على أن استعمال مثل هذا خطأ لشذوذة قياسا واستعمالا ، فكذلك هاهنا ، وإنما جاء هذا لضرورة الشعر ، والضرورة لا يقاس عليها ، كما لو اضطر إلى قصر الممدود على أصلنا وأصلكم أو إلى مدّ المقصور على أصلكم ، وعلى ذلك سائر الضرورات ، ولا يدل جوازه في الضرورة على جوازه في غير الضرورة ، فكذلك هاهنا ، فسقط الاحتجاج به. وهذا هو الجواب عن قول الآخر :
* أبيض من أخت بني أباض* [٩٠]
[٧٠] والوجه الثاني : أن يكون قوله «فأنت أبيضهم» أفعل الذي مؤنثه فعلاء كقولك أبيض وبيضاء ، ولم يقع الكلام فيه ، وإنما وقع الكلام في أفعل الذي يراد به المفاضلة نحو «هذا أحسن منه وجها ، وهو أحسن القوم وجها» فكأنه قال مبيضّهم ، فلما أضافه انتصب ما بعده عن تمام الاسم ، وهذا هو الجواب عن قول الآخر :
* أبيض من أخت بني أباض* [٩٠]
ومعناه : في درعها جسد مبيض من أخت بني أباض ، ويكون «من أخت» ها هنا في موضع رفع ؛ لأنها صفة لأبيض ، كأنه قال أبيض كائن من أخت ، كقولهم «أنت كريم من بني فلان» ونحوه قول الشاعر :
[٩٢] وأبيض من ماء الحديد كأنّه |
|
شهاب بدا والليل داج عساكره |
______________________________________________________
الحيوان الذي لا ينطق ، والأعجم من الإنسان الذي في كلامه عجمة ، شبهوه بالحيوان الأعجم ، واليجدّع : الذي يقطع أنفه ، أو أذنه ، أو يده ، أو شفته ، كل ذلك يقال ، واليربوع : دويبة تحفر الأرض ، والنافقاء : جحر يكتمه اليربوع ويستره ويظهر جحرا آخر غيره ، وقوله «بالشيخة» هو بالخاء المعجمة رملة بيضاء في بلاد بني أسد وحنظلة ، واليتقصع : أراد الذي يتقصع ، وتقول «تقصع اليربوع» إذا دخل في قاصعائه ، والقاصعاء : جحر آخر من جحرة اليربوع. والاستشهاد بالبيت الأول في قوله «اليجدع» والاستشهاد بالبيت الثاني في قوله «اليتقصع» فإنه أراد الذي يجدع والذي يتقصع ، فوصل أل الموصولة بالفعل المضارع ، وقد اتفق الفريقان على أن وصل أل الموصولة بالفعل المضارع شاذ ، هكذا قال المؤلف ، لكن الذي نعرفه أن من الكوفيين قوما يجيزون ذلك في الاختيار ، وقد ذهب ابن مالك إلى مذهب وسط بين المذهبين ، فقال : إن ذلك قليل لا شاذ ، وانظر التصريح للشيخ خالد الأزهري (١ / ١٦٩) وشرح الأشموني بتحقيقنا (١ / ١٧١) فقد ذكرنا ثمة كثيرا من الشواهد ، وحاشية الصبان (١ / ١٦١ بولاق).
[٩٢] أنشد البغدادي هذا البيت في الخزانة (٣ / ٤٨٥ بولاق) والشريف المرتضى في أماليه (٢ / ٣١٧) وذكر أن ابن جني استشهد به ، ولم يعزه أحدهما إلى معين ، والشهاب : النجم ،