حتى أدخلها ، أو لم يتصل به نحو : رأى مني العام الأوّل شيئا ، حتى لا أستطيع أن أكلمه العام بشيء ؛ فعلى هذا يجب أن يكون ما قبل «حتى» سببا لحصول ما بعده ، فلا يجوز ما سرت حتى أدخلها بالرفع ، و : أسرت حتى تدخلها ، لأنّ السبب منتف في الأول وغير محكوم بثبوته ، لا بالعلم ولا بالشك في الثاني ، فكيف يمكن الحكم بحصول مسبّبه.
وقال الأخفش : يجوز : ما سرت حتى أدخلها بالرفع ، إلا أنّ العرب لم تتكلّم به ، وقد غلّط فيه (١).
وجاز : أيّهم سار حتى يدخلها ، لأنك حاكم بحصول السير غير مستفهم عنه ، وإنما الاستفهام عن السائر ، لا عن السير.
وإذا قلت : فلمّا سرت حتى أدخلها ، وقلّ رجل سار حتى يدخلها ، فإن أردت الحكم بوقوع سير قليل ، جاز الرفع ولكن على ضعف ، وذلك لاجرائهم ذلك في اللفظ مجرى النفي المصرّح به ، وإن أردت بهذه الكلمات : النفي الصّرف ، وهو الأغلب في كلامهم ، كما ذكرنا في باب الاستثناء ، وجب النصب.
وأما نحو : إنما سرت حتى أدخلها ، فلفظ «إنما» يستعمل لمعنيين : إمّا لحصر الشيء كقولك : إنما سرت ، وإنما قعدت ، إذا حصرت سيره (٢) ؛ فيجوز الرفع على قبح ، لأن الحصر كالنفي ؛ وإمّا للاقتصار على الشيء كقولك لمن ادّعى الشجاعة والكرم والعلم : إنما أنت شجاع ، أي فيك هذه الخصلة فقط ، فيجوز الرفع ، إذن ، بلا قبح ؛ ولا يجوز : سرت حتى تغرب الشمس ، بالرفع ، لأن السير لا يكون سببا لغروب الشمس ، ويجوز : ما سرت إلا يوما حتى أدخلها بالرفع ، وما سرت إلا قليلا ، لأن النفي انتقض بالا.
هذا كله في رفع ما بعد حتى ؛ وان قصد المتكلم أن مضمون ما بعد حتى ، سيحصل
__________________
(١) عبارة : إلا أن العرب لم تتكلم به ، منقولة عن الأخفش نفسه ؛
(٢) في بعض النسخ : إذا حقّرت سيره وهي أنسب حتى يكون هذا الوجه مقابلا لإفادتها معنى الحصر الذي عبّر عنه بالاقتصار ؛