على أحد الأوجه الثلاثة ، وذلك بأن يكون منك السير ، إمّا للدخول ، على أن «حتى» بمعنى «كي» ، أو إلى الدخول ، على أن «حتى» بمعنى «إلى» ، ثم عرض مانع منع من حصول الدخول ، فلم يكن الدخول في أحد الأزمنة ؛ وقوله : «إذا كان مستقبلا بالنظر إلى ما قبله» ، لا يصلح أن يكون علامة يعرف بها نصب المضارع بعد «حتى» من رفعه ، لأن «حتى» التي يقع بعدها المضارع مرفوعا كان أو منصوبا ، لا تخلو : إمّا أن تكون بمعنى «كي» ، أو «إلى» ، فما بعدها إمّا مسبّب عما قبلها ، أو انتهاء له ، والمسبّب بعد السبب ، والنهاية بعد البداية ، فالأولى أن يجعل كون ما بعدها مستقبلا بالنظر إلى ما قبلها ، جوابا عن اعتراض يورد ، تقريره أن يقال : إنك إذا جوّزت في نحو : سرت حتى أدخلها بالنصب : أن يكون الدخول ماضيا أو ، حالا عند الإخبار كما تجوّز كونه مستقبلا ، فكيف انتصب الفعل بأن ، التي هي علم الاستقبال ، فيجاب عنه بأن الفعل مستقبل بالنظر إلى حال السير ، لا بالنظر إلى حال التكلم ، فمن ثم جاز انتصابه بأن (١).
ثم إذا أردنا أن نبيّن متى يرفع المضارع بعد «حتى» ومتى ينصب ، قلنا : ذاك إلى قصد المتكلم ، فان قصد الحكم بحصول مصدر الفعل الذي بعد «حتى» : إمّا في حال الإخبار ، أو في الزمن المتقدم عليه على سبيل حكاية الحال الماضية ، وجب رفع المضارع ، سواء كان بناء الكلام المتقدم على اليقين ، نحو : إنّ زيدا سار حتى يدخلها ، واعلم أنه سار حتى يدخلها ، أو على الظن والتخمين ، نحو : أظن عبد الله سار حتى يدخلها ، وأرى أنه سار حتى يدخلها ، أو تعقّب الكلام شك ، نحو : سار زيد حتى يدخلها فيما أظن ؛ وسار حتى يدخلها ، بلغني ولا أدري ، وذلك انك قد تحكم بحصول الشيء على سبيل الشك والظن ، كما تحكم بحصوله على سبيل اليقين ؛ فعلى هذا ، شرط الرفع أن يكون الفعل الأول موجبا ، بحيث يمكن أن يؤدّي حصول مضمونه إلى حصول مضمون ما بعد «حتى» سواء اتصل مضمون الأوّل بمضمون الثاني نحو : سرت
__________________
(١) كان يمكن أن يقول : إذا كان الفعل بعدها مستقبلا ولو بالنظر إلى ما قبلها ، ويسمّى في هذه الحالة مستقبلا بالتأويل ؛