وفي «نعم» أربع لغات : المشهورة ، فتح النون والعين ، والثانية : كسر العين ، وهي كنانية ، والثالثة كسر النون والعين ، والرابعة : نحم ، بفتح النون وقلب العين المفتوحة حاء ، كما قلبت الحاء عينا في «حتى» ،
وتقع «نعم» في جواب الأمر ، نحو : نعم لمن قال : زرني ، أي : أزورك ، وتقول نعم لمن قال : لا تضربني ، أي : لا أضربك ، ولو قلت نعم ، في جواب التحضيض نحو : هلّا تزورني ، كان المعنى : الإيجاب ، أي نعم ، أزورك ، وكذا في جواب العرض نحو : ألا تزورنا ؛
قوله : «وبلى مختصّة بإيجاب النفي» ، يعني أن «بلى» تنقض النفي المتقدم ، سواء كان ذلك النفي مجرّدا ، نحو : بلى في جواب من قال : ما قام زيد ، أي : بلى ، قد قام ، أو كان مقرونا باستفهام ، فهي إذن ، لنقض النفي الذي بعد ذلك الاستفهام كقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى)(١) أي بلى أنت ربنا ؛
وزعم بعضهم أن «بلى» تستعمل بعد الإيجاب مستدلّا بقوله :
٩٠٠ ـ وقد بعدت بالوصل بيني وبينها |
|
بلى ، إنّ من زار القبور ليبعدا (٢) |
أي : ليبعدن ، بالنون الخفيفة ؛ واستعمال «بلى» في البيت لتصديق الإيجاب : شاذ ؛
وزعم الفرّاء أن أصلها «بل» زيدت عليها الألف للوقف ، فلذا كانت للرجوع عن النفي ، كما كانت «بل» للرجوع عن الجحد في : ما قام زيد ، بل عمرو ؛ والأولى كونها حرفا برأسها ؛
__________________
(١) آية الأعراف المتقدمة ؛
(٢) قوله : ليبعدا بلام التأكيد ، وآخره نون خفيفة مبدلة ألفا ، قال البغدادي انه لم ير هذا البيت (يعني بصورته هذه) إلا في شرح الرضي هذا ثم قال : وجاء عجزه في شعر الطهوي وهو :
فلا تبعدن يا خير عمرو بن جندب |
|
بلى ، إنّ من زار القبور ليبعدا |
ولم يذكر من المراد بالطهوي ؛