على أن «أنّ» مع ما في حيّزها مبتدأ محذوف الخبر ، أي : فإكرامي له ثابت ؛
وكذا بعد «إذا» المفاجأة ، كقوله :
٨٣٠ ـ وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا |
|
إذا انه عبد القفا واللهازم (١) |
أي : انه عبد قفاه ، أي لئيم القفا ، يعني «صفعان» (٢) ، واللهزمتان : عظمان ناتئان في اللحيين تحت الأذنيين ، جمعهما الشاعر بما حولهما ، كقولك : جبّت مذاكيره ؛ فالكسر على تأويل : إذا هو عبد القفا ، والفتح على تأويل : فإذا عبودية قفاه ثابتة ؛
وكذا إذا وليت «إن» : الواو ، بعد قولك «هذا» أو «ذاك» تقريرا للكلام السابق ، قال تعالى : (ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ)(٣) ، فذلكم خبر مبتدأ محذوف ، و «انّ» عطف على هذا الخبر ، أي : الأمر ذلك ، والأمر أيضا أن الله موهن ، وإن كسرت ، فعلى عطف «إن» مع جزأيها على الجملة المتقدمة المحذوف أحد جزأيها ، قال :
٨٣١ ـ إني إذا خفيت نار لمرملة |
|
ألفى بأرفع تلّ رافعا ناري (٤) |
ذاك ، وإني على جاري لذو حدب |
|
أحنو عليه بما يحنى على الجار |
فهو مثل قوله تعالى : (ذلِكَ ، وَمَنْ عاقَبَ ..)(٥) الآية ، فالجملة الاسمية في الآية عطف على الجملة المتقدمة ؛
__________________
(١) من الأبيات التي لم يعرف لها قائل ، وهو من سيبويه ج ١ ص ٤٧٢ ؛ ولذلك لا يعرف من المراد بزيد ، وقد شرح الرضي بقية ألفاظ البيت ؛ وفي العيني : أن قوله عبد اللهازم كناية عن أنه عبد بطنه ؛
(٢) في اللسان : رجل مصفعاني ، أي يصفعه الناس ، وفي تاج العروس : وكذلك رجل صفعان ، ثم نقل عن الجوهري أن الصفع كلمة مولّدة ؛
(٣) الآية ١٨ سورة الأنفال ؛
(٤) المراد بالمرملة بضم الميم الأولى وكسر الثانية : الجماعة التي نفد زادها كأنه مأخوذ من الرمل ، كما يقال ترب الرجل أي افتقر بمعنى لصقت يده بالتراب والبيتان منسوبان إلى الأحوص الأنصاري ، وهما في سيبويه ج ١ ص ٤٦٣ وقبلهما قوله :
عودّت قومى إذا ما الضيف نبهني |
|
عقر العشار على عسري وإيساري |
(٥) الآية ٦٠ سورة الحج ؛