فأعطاه كل واحد منهم عطاء على تلك البشارة ، وجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسأله أهل القبائل أن ينزل عليهم وتعلقوا بناقته فقال : «دعوها فإنها مأمورة» حتى جاءت إلى دار أبي أيوب فبركت ، ونزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في دار أبي أيوب ، وأبو أيوب كان من أولاد العالم الناصح تبّع في شأن الكعبة [وكانوا] ينتظرونه وهم من أولاد العلماء الذين سكنوا يثرب في دور تبّع التي بناها (١) لهم ، والدار التي نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها هي الدار التي بنى تبّع لرسول الله صلىاللهعليهوسلم [٢٦٩٤].
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا محمد بن العباس ، أخبرنا أحمد بن معروف ، حدّثنا حارث بن أبي أسامة ، أخبرنا محمد بن سعد (٢) ، أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي ، حدّثني سليمان بن داود بن الحصين ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن أبيّ بن كعب قال : لما قدم تبّع المدينة ونزل بقناة فبعث إلى أحبار يهود فقال : إنّي مخرّب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب. قال : فقال له سامول اليهودي ـ وهو يومئذ أعلمهم ـ : أيها الملك إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبيّ من بني إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد ، وهذه دار هجرته ، إنّ منزلك هذا الذي أنت به يكون به من القتلى والجراح أمر كثير في أصحابه وفي عدوّهم. قال تبّع : ومن يقاتلهم يومئذ وهو نبي كما تزعم؟ قال : يسير إليه قوم فيقتتلون هاهنا ، قال : فأين قبره؟ قال : بهذا البلد ، قال : فإذا قوتل لمن تكون الدّبرة؟ قال تكون عليه مرة وله مرة ، وبهذا المكان الذي أنت عليه يكون عليه ، ويقتل (٣) به أصحابه مقتلة عظيمة لم يقتلوا في موطن ، ثم تكون العاقبة له ، ويظهر فلا ينازعه هذا الأمر أحد. قال : وما صفته؟ قال : رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ، في عينيه حمرة ، يركب البعير ، ويلبس الشملة ، سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى : أخ أو ابن عمّ أو عمّ حتى يظهر أمره. قال تبّع : ما إلى هذا البلد من سبيل ، وما كان ليكون أن خرابها على يدي ، فخرج تبّع منصرفا إلى اليمن.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو الحسين بن النّقّور ، أخبرنا أبو طاهر المخلّص ، أخبرنا رضوان بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الجبار ، حدّثنا يونس بن بكير ،
__________________
(١) بالأصل وم «بنى».
(٢) طبقات ابن سعد ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩ وبالأصل «عبد الله بن سعد».
(٣) عن ابن سعد ، وبالأصل «لم يقتل» وفي المطبوعة : «تقتل».