تتوالى على فرعون وبيته ، مما اضطره أن يستدعي إبراهيم ويؤنبه على فعلته هذه ، «لما ذا لم تخبرني أنها امرأتك ، لما ذا قلت أنها أختي ، حتى أخذتها لي لتكون زوجتي» ثم يصدر أمره بطرد إبراهيم وامرأته من مصر ، وإن سمح له بأن يأخذ ما كان قد أعطاه إياه من قبل (١).
ويعلم الله ، وتشهد ملائكته ، أن نفسي تتأفف من مجرد التعليق على هذه الفرية الدنيئة التي يلصقها كاتب سفر التكوين بأبى الأنبياء ، فتلك فعلة لا يقبلها على نفسه ، ولا يرتضيها لعرضه أحط الناس ، فضلا عن أن يكون ذلك نبي الله وخليله العظيم ، ومع ذلك فإذا رجعنا إلى نصوص التوراة نفسها ، لعلمنا أن إبراهيم قد جاء إلى كنعان ، وهو في الخامسة والسبعين من عمره ، وأن سارة كانت في الخامسة والستين (٢) ، وأنهما أقاما في أرض كنعان ـ ما شاء الله لهما أن يقيما ـ ثم هاجر إلى مصر ، فهل كانت سارة ، وقد جاوزت الخامسة والستين من عمرها بسنين عددا ، تفتن الرجال ، فضلا عن أن يكون فيها لملوك مصر المترفين إربا ، ثم أليست هي نفسها قد وصفت في إصحاح قبل هذا الإصحاح من سفر التكوين نفسه ، بعد أن بشرت بإسحاق ، بأنها قد صكت وجهها وضحكت وقالت : أيحدث هذا مع عجوز عقيم ، انقطعت عنها عادة النساء ، وبعلها شيخ كبير (٣) ، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ، قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ
__________________
(١) تكوين ١٢ : ١٠ ـ ٢٠ ، وانظر قصة مشابهة لابراهيم مع سارة وملك جيرار في (تكوين ٢٠ : ١ ـ ١٨) غير أن سارة هنا قد جاوزت التسعين من عمرها
(٢) تكوين ١٢ : ٤ ، ١٧ : ١٧
(٣) تكوين ١٨ : ٩ ـ ١٥