(١) القصة في القرآن الكريم
جاءت هذه القصة في القرآن الكريم في سورة سبأ ، حيث يقول سبحانه وتعالى «لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ، ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ ، وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ، فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ» (١).
والآيات الكريمة تدل على أن القوم إنما كانوا في رغد من العيش ، تحيط بهم جنتان عن يمين وشمال ، وكان من المنتظر أن يشكروا ربهم على هذه النعم الجزيلة ، والخيرات الكثيرة ، وذلك الرزق السهل المسير ، الذي لا يقتضي النصب ولا الكد ، غير أن القوم لم يكونوا كذلك ، وإنما جحدوا نعمة ربهم ، ومن ثم فقد أرسل عليهم سبحانه وتعالى سيل العرم (٢) ،
__________________
(١) سورة سبأ : آية ١٥ ـ ١٩
(٢) العرم : المسناة التي تحبس الماء ، واحدها عرمة ، أو هو صفة للمسناة التي كانت لهم وليس باسم لها ، وفي اللسان : عرم (العرم) بفتح الراء وكسرها ـ وكذا واحدها وهو العرمة ـ سد يعترض به الوادي (والجمع عرم ، وقيل العرم : جمع لا واحد له) ، أو هو اسم الوادي الذي كان يأتي السيل منه ، وبني السد فيه ، أو هو الصعب : من عرم الرجل فهو عارم وعرم إذا شرس خلقه وصعب ، أو هو المطر الشديد ، أو السيل الذي لا يطاق ، أو هو اسم للجرذ الذي نقب عليهم سدهم ، فصار سببا في تسلط السيل عليهم ، وهو الفأر الأعمى الذي يقال له الخلد ، أو هو ماء أحمر أرسله الله تعالى في السد فشقه وهدمه ، أو هو كل شيء حاجز بين شيئين وهو الذي يسمى السّكر : أو هو مطر يجتمع بين جبلين وفي وجهه مسناة ، وهى التي يسميها أهل مصر الجسر ، فكانوا يفتحونها إذا شاءوا ، فإذا رويت جناتهم