عَجِيبٌ) (١) ، أضف إلى ذلك أن التاريخ ما حدثنا أن الفراعين كانوا يأخذون النساء من أهليهم غصبا ، ولكنه حدثنا أن عقوبة الزنا كانت عندهم من أقسى العقوبات.
ومن عجب أن بعض المؤرخين الإسلاميين قد تابعوا التوراة في مزاعمها ، فيروون القصة ـ كما جاءت في التوراة ـ وإن حاولوا صبغها بالصبغة الإسلامية ، فعند ما يطلب إبراهيم من سارة أن تقول لفرعون أنها أخته ، إنما يفسرون ذلك لأنه ليس على وجه الأرض غيرهما مؤمن ، فهي إذن أخته في الإسلام ، ثم إن فرعون ـ وهو هنا سنان بن علوان ـ لم يستطع أن يقضي منها وطره (٢).
ولعل سائلا يتساءل : هل عرفت مصر ـ حتى في أيام الهكسوس ، والذين يسميهم المؤرخون المسلمون العماليق ـ ملكا يحمل اسم «سنان بن علوان» ـ أو حتى «صاروف بن صاروف» سواء أكان أخو الضحاك أو كان غلاما للنمرود ـ والجواب : أن التاريخ المصري كله لا يعرف هذه الأسماء ، ولست أدري من أين جاء به أصحابنا المؤرخون الإسلاميون ، على أن الأمر الذي يدعو إلى العجب حقا ، ادعاء الرواة إن إبراهيم قال عن سارة أنها أخته ، لأنه لا يوجد على ظهر الارض غيرهما من المؤمنين ، والأعجب من ذلك أن تأتي الرواية من كبار المفسرين ، والقرآن الكريم لا يشير إلى ذلك ، وإنما هو يصرح ـ دونما لبس أو
__________________
(١) سورة هود : آية ٧١ ـ ٧٢
(٢) أنظر : تاريخ الطبري ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٧. ابن كثير ١ / ١٥٠ ـ ١٥٢ ، ابن الأثير ١ / ١٠٠ ـ ١٠١ ، المقدس ٣ / ٥٢ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٣٥ ، محمد احمد جاد المولى وآخرون : قصص القرآن ص ٥٣ ـ ٥٥ ، قارن : مؤتمر تفسير سورة يوسف ١ / ١٣٦ ـ ١٣٩