للمغامرة بعيدا عن الهضاب ، وأياما كان الأمر ، فقد نزل إبراهيم عند شكيم في مكان بلوطة مورة ، بين جبل عيبال وجرزيم ، وهناك بنى مذبحا للرب ، وربما قد تحرش به الكنعانيون ، ولهذا نراه ينتقل إلى المنطقة الجبلية بين بيت إيل وعاي ، فيضرب خيامه هناك ، ويقيم مذبحا للرب ، ثم يرتحل ارتحالا متواليا نحو الجنوب (١).
ويقيم الخليل ـ ما شاء الله له أن يقيم ـ في أرض كنعان ، ثم يرحل عنها صوب أرض النيل الطيبة ، بسبب مجاعة حلت بأرض كنعان (٢) ، ومصر كانت دائما وأبدا ، للبدو والكنعانيين ـ وبخاصة في أوقات القحط ـ ملاذهم ، وغالبا منقذهم الوحيد ، فحينما كانت الأرض تجف في أوطانهم ، كانت أرض الكنانة الطيبة تقدم لهم المأوى والمرعى ، وكان النيل بفيضانه المنتظم يتعهد بذلك (٣).
وتأبى التوراة أن تمر رحلة الخليل ـ عليهالسلام ـ إلى أرض الكنانة بخير ، فتقول إن خليل الله قد هاجر بزوجته سارة إلى مصر ، بسبب قحط قد أصاب أرض كنعان ، وعند ما أشرف على التخوم المصرية ، اتفق مع سارة على أن تقول أنها أخته ، وليست زوجته ، ذلك لأن المصريين إن علموا أنها زوجته قتلوه ، وأما إن كانت أخته فمن أجلها أكرموه ، وحدث ما توقعه ، وأبرت سارة بوعدها ، وأخذت إلى بيت فرعون ، ونال إبراهيم خيرا بسببها ، إذ أسبغ عليه فرعون وافر نعمته ، من غنم وبقر ، وحمير وأتن وجمال ، وعبيد وإماء ، إلا أن المصائب سرعان ما أخذت
__________________
(١) M.F.Unger ,op - cit ,P.٠١. وانظر : تكوين ١٢ : ٦ ـ ٩
(٢) تكوين ١٢ : ١٠
(٣) W.Keller ,op - cit ,P.٧٨