عامر بن فهيرة ، ودليلهما الليثي عبد (١) الله بن أريقط ، مرّوا على خيمتي أمّ معبد ، وكانت برزة جلدة ، تحتبي بفناء القبة. ثم تسقي وتطعم ، فسألوها لحما وتمرا ليشتروه منها ، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك ، وكان القوم أو الحي ـ شك مكرم ـ مرملين [مسنتين](٢) ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال : «ما هذه الشاة يا أم معبد»؟ قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم ، فقال : «هل لها من لبن؟» قالت : هي أجهد من ذلك. قال لها : «أتأذنين أن أحلبها؟» [٧١٣] قالت : بأبي وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها ، قال : فدعاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمسح بيده ضرعها ، وسمّى الله ، ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرّت واجترت ، ودعاء بإناء يربض (٣) الرهط ، فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء ، ثم سقاها حتى رويت ، وسقى أصحابه حتى رووا ، ثم شرب آخرهم ، ثم أراضوا ، ثم حلب ثانيا بعد بدء حتى ملأ الإناء ، فغادره عندها وارتحلوا عنها فبايعها فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا تشاركن (٤) هزلا ضحا ، مخهن قليل ، فلما رأى اللبن عجب (٥) وقال : من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاء عازب حيال ولا حلوب في البيت؟ قالت : لا والله إلا أنه مرّ بنا رجل من حاله كذا وكذا ، قال : صفيه لي يا أمّ معبد قالت : رأيت رجلا ظاهر الوضاءة ، متبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزر به صقلعة ، وسيما قسيما ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره غطف (٦) وفي صوته صحل وفي عنقه سطع ، وفي لحيته كثاثة (٧) ، أزج ، أقرن ، إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سماه وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد ، وأحلاه وأحسنه من قريب ، حلو المنطق ، فصل ، لا نزر ولا هذر ، كأنّ منطقه خرزات نظم يتحدرن (٨) ، ربعة ، لا يأس (٩) من طول ، ولا تقتحمه عين من قصر ، غصن بين غصنين فهو أنضر
__________________
(١) بالأصل وخع : «وعبد الله» بإثبات واو العطف.
(٢) بياض بالأصل ، وسقطت اللفظة من خع ، والمثبت «مسنتين» عما سبق من رواية.
(٣) غير واضحة بالأصل ، وفي خع «يرض» والمثبت عن رواية سابقة.
(٤) في الأصل : «فإن شاوكن» وفي خع : «فإن تشاركن» وتشاركن إحدى الروايات ، معناها عمهن الهزال ، فليس فيهن منقية ولا ذات طرف ، وهو من الاشتراك (دلائل البيهقي ١ / ٢٨٢).
(٥) في خع : «عطف».
(٦) الأصل وخع «ضحك» والمثبت عن رواية سابقة.
(٧) في خع : كثافة.
(٨) بالأصل وخع : «يتحدر» والمثبت عن رواية سابقة.
(٩) عن خع ، وبالأصل «بائن».