شاة خلفها الجهد عن الغنم قال : «فهل لها من لبن؟» قالت : بأبي وأمي هي أجهد من ذاك ، قال : «تأذنين لي أن أحلبها؟» قالت : إن كان بها حلب فاحلب. قال : فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالشاة فمسحها ، وذكر اسم الله تعالى ، ومسح ضرعها ، فذكر اسم الله تعالى ودعا بإناء لها يربض الرهط فتفاجّت ودرّت واجترت ، فحلب فيه ثجا حتى علته الثمال (١) فسقاها ـ أي النهل ـ فسقاها وسقى أصحابه فشربوا حتى رووا عللا بعد نهل حتى أراضوا ، وشرب آخرهم. وقال : «ساقي القوم آخرهم» [٧١٠] ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء ، فغادره عندها ثم ارتحلوا ، قال : فقلّ ما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنز حيّلا عجافا يتساوكن (٢) هزلا لا نقي بهن مخّهنّ قليل.
قال أبو علي : قلت لأبي [الحسن] الأثرم : وما لا نقي بهن؟ قال : الشحم واللحم وهو النقي.
فلما رأى اللبن عجب وقال : من هذا اللبن يا أم معبد ولا حلوبة في البيت والشاء عازبة؟ فقالت : لا والله إلّا أنه مرّ بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت. فقال : صفيه لي يا أم معبد فو الله إني أراه صاحب قريش الذي تطلب ، فقالت : رأيت رجلا ظاهر الوضاءة حسن الخلق ، متبلّج الوجه ، لم تعله (٣) نخلة ، ولم تزر به صعلة.
قال أبو علي : فسر لنا أبو عبيد الله (٤) بن بكر البيهقي : كأني برجل من الحبشة أصعل أصمع ، حمش السّاقين. قال : فقال أصعل : صغير الرأس ، أصمع : صغير الأذنين.
قال أبو الحسن الأثرم : ثجلة؟ قال : الرأس الكبير الذي يجاوز (٥) الحدّ. وسيم
__________________
(١) الثمال جمع ثمالة : الرغوة. وفي رواية : البهاء ، وقد تقدمت.
(٢) بالأصل وخع : «فأما أساوك» والمثبت عن الدلائل للبيهقي ١ / ٢٧٨ ، وفي المطبوعة : ما تساوك هزالا.
والتساوك : السير الضعيف ، قيل رداءة المشيء من إبطاء أو عجف. يريد هنا عمهن الهزال فليس فيهن منقية ولا ذات طرق ، (انظر دلائل البيهقي ١ / ٢٨٢).
(٣) كذا وردت هنا بالأصل وخع ، وتقدمت برواية : «تعبه نحلة» وبرواية : «تعبه ثجلة» ومرّ شرح اللفظتين.
(٤) في خع : عبد الله. وفي المطبوعة : عبد الله بن بكر السهمي.
(٥) بالأصل وخع : «تحادر الحدق» كذا ، والمثبت عن المطبوعة السيرة ١ / ٢٧٥ ، وقد تقدم أن الثجلة : عظم البطن واسترخاء أسفله (انظر الدلائل للبيهقي ١ / ٢٨٣).