الأرباع خرج أبو بكر معه يوصيه ، ويزيد راكب [وأبو بكر يمشي ، فقال يزيد : يا خليفة رسول الله ، إما أن تركب وإما أن أنزل ، فقال : ما أنت بنازل وما أنا براكب](١) إني احتسب خطاي هذه في سبيل الله ، يا يزيد إنكم ستقدمون بلادا تؤتون بها بأصناف من الطعام ، فسمّوا الله على أولها وأحمدوه على آخرها ، وإنكم ستجدون أقواما قد حبسوا أنفسهم في هذه الصوامع فاتركوهم وما حبسوا له أنفسهم. وستجدون أقواما قد اتخذوا الشيطان على رءوسهم مقاعد ـ يعني الشمامسة ـ فاضربوا تلك الأعناق ، ولا تقتلوا كبيرا هرما ، ولا امرأة ولا وليدا ، ولا تخربوا عمرانا ، ولا تقطعوا شجرة إلّا لنفع ، ولا تعقرنّ بهيمة إلّا لنفع ، ولا تحرقن نخلا ولا تعزقنه ، ولا تغدر ، ولا تمثّل ولا تجبن ، ولا تغلل (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) (٢) (وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٢) استودعك الله وأقرئك السلام ثم انصرف.
قال : ونا يونس ، عن ابن إسحاق ، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير وقال لي : هل تدري لم فرّق أبو بكر وأمر بقتل الشمامسة ، ونهى عن قتل الرهبان فقلت : لا أراه إلّا لحبس هؤلاء أنفسهم ، فقال : أجل ، ولكن يلقون القتال فيقاتلون ، وإن الرهبان رأيهم أن لا يقاتلوا وقد قال الله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) (٣).
أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ، ابنا الحسن بن البنا ، قالا : أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزبير بن بكار ، حدثني مصعب بن عبد الله قال : لما سار (٤) خالد بن
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.
(٢) سورة الحج ، الآية : ٤٠ وفيها «لقوي» بدل «قوي» وقوله : (وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) جزء من الآية ٢٥ من سورة الحديد.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ١٩٠.
(٤) يعني من العراق متوجها نحو الشام ، وذلك بعد وصول كتاب أبي بكر إليه يأمره بأن يكون مددا لجنود الشام. وقد أرسل أبو بكر الكتاب إلى خالد مع عبد الرحمن بن حنبل الجمحي وفيه : من عبد الله بن عثمان خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى خالد بن الوليد. أما بعد فقد ورد عليّ من خبر الشام ما قد أقلقني وأرقني وضقت به ذرعا فإذا ورد عليك كتابي هذا وأنت قائم فلا تقعد ، وإن كنت راكبا فلا تنزل ، وذر العراق وخلّف عليها من تثق به من أهلها الذين قدموا معك من اليمامة والحجاز حتى تأتي الشام فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين ، فإن العدو قد جمع لهما جمعا عظيما وقد احتاجوا إلى معونتك ، فإذا أنت أتيت المسلمين بالشام فأنت أمير الجماعة والسلام (الفتوح ١ / ١٣٣).