وأمّا ما هو وجه العدول من لفظ « عدل »
إلى لفظ « ثقة » فهذا ما أجاب عنه بهاء الدين العاملي وقال : إنّهم يريدون بقولهم
« فلان ثقة » : عدل ضابط ، لأنّ لفظة الثقة من الوثوق ولا وثوق بما يتساوى سهوه مع
ذكره ، وهذا هو السرُّ في عدولهم عن قولهم « عدل » إلى قولهم « ثقة ».
والظاهر منهما انّه بمعنى العدل بالمعنى
المتفق عليه بين الفريقين ، وأمّا دلالتها على كونه « إمامياً » فهذا ما ذهب إليه
ابن صاحب المعالم والمحقّق البهبهاني.
قال ابن صاحب المعالم : إذا قال النجاشي
ثقة ، ولم يتعرض لفساد المذهب ، فظاهره أنّه عدل إمامي ، لأنّ ديدنه التعرّض
للفساد ، فعدمه ظاهر في عدم ظفره ، لشدّة بذل جهده وزيادة معرفته.
وقال المحقّق البهبهاني : إنّ الرواية
المتعارفة المسلّمة المقبولة أنّه إذا قال : « عدل إمامي نجاشيّاً كان أو غيره »
أو فلان « ثقة » يحكمون بمجرّد هذا القول انّه عدل إمامي ، لأنّ الظاهر من الرواة
، التشيّع والظاهر من الشيعة حسن العقيدة ، أو لأنّهم وجدوا منهم أنّهم اصطلحوا
ذلك في الإمامية وإن كانوا يطلقون على غيرهم مع القرينة.
يلاحظ عليه : بأنّ هذه اللفظة من
الألفاظ المتداولة بين الرجاليين من الخاصّة والعامّة ، وليس لعلمائنا فيه اصطلاح
خاص ، ولو كان المذهب داخلاً في مفهوم الثقة ، يلزم أن يكون مشتركاً لفظياً بين
الفريقين.
والذي يدلّ على ذلك هو انّ النجاشي يصف
كثيراً من فاسدي المذهب