إلى هنا تمّ الدليل الأوّل لنفاة الحاجة إلى علم الرجال ، وإليك دراسة الدليل الثاني لهم.
ذهب بعضهم إلى أنّ كلّ خبر عمل به المشهور فهو حجّة سواء كان الراوي ثقة أم لا ، وكلّ خبر لم يعمل به المشهور ليس بحجّة وإن كان رواته ثقات.
يلاحظ عليه : انّ معرفة المشهور في كلّ المسائل أمر صعب للغاية ، لأنّ بعض المسائل غير معنونة في كتبهم ، وجملة أُخرى منها لا شهرة فيها ، وقسم منها يعدّمن الأشهر والمشهور ، ولأجل ذلك لا مناص من القول بحجّية قول الثقة وحده وإن لم يكن مشهوراً ، نعم يجب أن لا يكون معرضاً عنه كما حقّق في محلّه.
إنّ الغاية من الرجوع إلى الكتب الرجالية ، هو الوقوف على عدالة الراوي ، ولكنّها لا تثبت ، وذلك لأنّ أصحاب الكتب الرجالية ، ما عاصروا الرواة ولا عاشروهم ، وإنّما رجعوا في التعديل والجرح إلى الكتب المؤلّفة في العصور المتقدّمة التي كانت أصحابها معاصرين ومعاشرين مع الرواة أو مقاربين لأعصارهم ، فإنّ مضامين الأُصول الرجالية الخمسة وليدة تلك الكتب المؤلّفة في العصور المتقدّمة. هذا من جانب.
ومن جانب آخر ، انّه لا « عبرة بالكتابة ولا بالقرطاس » كما هو الأساس في كتاب القضاء.
والجواب أوّلاً : أنّ قسماً كبيراً من تعديلهم وجرحهم مستند إلى السماع من كابر عن كابر ، ومن ثقة عن ثقة ، فتكون شهاداتهم في حقّ الرواة ، مستندة إلى