وغير خاف ما في هذا من شديد الوعيد وعظيم التهديد لهم.
ثم علل عدم عجزه عن شىء فيهما بقوله :
(إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) أي إنه تعالى عليم بمن يستحق أن تعجّل له العقوبة ومن قد تاب وأناب إلى ربه ورجع عن ضلالته ، قدير على الانتقام ممن شاء منهم ، وعلى توفيق من أراد الإيمان.
ولما كان المشركون يستعجلون بالوعيد استهزاء فيقولون «اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» بيّن أنه لا يعاجلهم بالعقوبة على ما كسبوا ، لعلهم ينيبون أو ينيب بعضهم إلى ربه ، ويثوب إلى رشده فقال :
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) أي ولو يعاقب الله الناس ويكافئهم بما عملوا من الذنوب واجترحوا من الآثام ما ترك على ظهر الأرض نسمد تدب لشؤم المعاصي التي يفتنّون فيها (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي ولكن يؤخر عقابهم ومؤاخذتهم بما كسبوا إلى أجل حدده عنده لا يقصرون دونه ولا يتجاوزونه إذا بلغوه.
(فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) أي فإذا حل ذلك الأجل فإن الله يجازى المكلفين بما عملوا من خير أو شر ، لا يخفى عليه شىء من أمرهم ، دقّ أو جلّ ، ظهر أو بطن.
اللهم أحسن أعمالنا ظواهرها وبواطنها ، وتقبل منا ما نعمل مما يرضيك إنك أنت الخبير البصير.