والتوقير والإكرام ، وفيما عدا ذلك هن كالأجنبيات ، فلا يحل النظر إليهن ، ولا إرثهن ولا نحو ذلك.
وكان التوارث فى بدء الإسلام بالحلف والمؤاخاة بين المسلمين ، فكان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوى رحمه للأخوّة التي آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حين الهجرة ، فقد آخى بين أبى بكر رضى الله عنه ، وخارجة بن زيد ، وآخى بين عمر وشخص آخر ، وآخى بين الزبير وكعب بن مالك ، فغيّر الله الحكم بقوله :
(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) أي وأولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الدين ، وحق المهاجرين بحق الهجرة فيما كتبه الله وفرضه على عباده.
والخلاصة : إن هذه الآية أرجعت الأمور إلى نصابها ، وأبطلت حكما شرع لضرورة عارضة فى بدء الإسلام ، وهو الإرث بالتآخى فى الدين ، والتآخى حين الهجرة بين المهاجرين والأنصار حين كان المهاجرىّ يرث الأنصارىّ دون قرابته وذوى رحمه.
ثم استثنى من ذلك الوصية ، فقال :
(إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) الأولياء هنا المؤمنون والمهاجرون والمعروف الوصية أي إلا أن توصوا لهؤلاء بوصية ، فهم أحق بها من القريب الوارث.
ثم بين أن هذا الحكم هو الأصل فى الإرث ، وهو الحكم الثابت فى كتابه الذي لا يغيّر ولا يبدل ، فقال :
(كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) أي إن هذا الحكم ، وهو أن أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض ـ حكم من الله مقدر مكتوب فى الكتاب الذي لا يبدل ولا يغير ، وإن كان قد شرع غيره فى وقت ما لمصلحة عارضة ، وحكمة بالغة ، وهو يعلم أنه سيغيره إلى ما هو جار فى قدره الأزلى ، وقضائه التشريعي.