وهو بنهي عن ذلك ، فنزلت الآية لنفى أن يكون للمتبنّى حكم الابن حقيقة فى جميع الأحكام التي تعطى للابن.
الإيضاح
(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) كان أهل مكة يقولون : إن معمرا الفهرىّ له قلبان لقوة حفظه ، وروى أنه كان يقول : إن لى قلبين أفهم بأحدهما أكثر مما يفهم محمد ، وكانت العرب تزعم أن كل أريب له قلبان ، فأكذب الله فى هذه الآية قوله وقولهم :
(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) أي ولم يجعل الله لكم أيها الرجال نساءكم اللائي تقولون لهن : أنتنّ علينا كظهور أمهاتنا ـ أمهاتكم ، بل جعل ذلك من قبلكم كذبا وألزمكم عقوبة.
وقد كان الرجل فى الجاهلية متى قال هذه المقالة لامرأته صارت حراما عليه حرمة مؤيدة ، فجاء الإسلام ومنع هذا التأييد ، وجعل الحرمة مؤقتة ، حتى يؤدى كفّارة (غرامة) لانتهاكه حرمة الدين ، إذ حرم ما أحل الله.
(وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) أي ولم يجعل الله من ادعى أحدكم أنه ابنه ، وهو ابن غيره ـ ابنا له بدعواه فحسب.
وفى هذا إبطال لما كان فى الجاهلية وصدر الإسلام من أنه : إذا تبنى الرجل ابن غيره أجريت عليه أحكام الابن النسبي ، وقد تبنىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة زيد بن حارثة ، والخطّاب عامر بن ربيعة وأبو حذيفة سالما.
ثم أكد ما سبق بقوله :
(ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) أي هذا الذي تقدم من قول الرجل لامرأته : أنت علىّ كظهر أمي ، ودعاء من ليس بابنه أنه ابنه إنما هو قولكم بأفواهكم ، لا حقيقة له ، فلا تصير الزوجة أمّا ، ولا يثبت بهذا الدعاء دعوى النسب.