وأفتى بعض علماء زماننا بذلك ـ على ما سمعت ـ وليس بشيء ، لمكان الإجماع وعدم نقل خلاف من السلف ومن تقدّم من الفقهاء ـ والأخبار المطلقة ، بل غاية ظهور بعضها في الإطلاق والعموم ؛ منه صحيحة زرارة التي سنذكرها في ناقضيّة النوم ، والرواية التي سنذكرها عن «العلل» في بحث ناقضيّة الجنون والسكر.
مع أنّ القيدين ربّما كانا واردين مورد الغالب خارجين مخرجه ، فلا عبرة بمفهوميهما ، أو المراد من شأنه أن يسمع أو يشمّ ، أو تكون الفائدة ثبوت خروج الريح وتيقّنه ، وعدم كفاية المظنّة في المقام ، كما مرّ في المبحث السابق : أنّ الوضوء باق حتّى يحصل اليقين بالحدث.
وسنذكر في ناقضيّة النوم ما يدلّ عليه أيضا.
وربّما يكون المراد : أنّ الشيطان لما ينفخ في الدبر حتّى يخيّل خروج الريح ، فلذلك بعض المكلّفين يبتلون بهذه الحالة ، ودائما يتخيّلون خروج الريح ويتوضّئون من هذه الجهة ، فمثل هؤلاء لا يجوز لهم نقض الوضوء بالريح إلّا مع أحد الوصفين ، مع أنّ المفهوم مفهوم القيد ، وربّما لم يعتبره بعض ، وعلى تقدير الاعتبار ، فمقاومته للمنطوقات ، سيّما بعد ملاحظة ما ذكرنا فيه ما فيه.
مع أنّ في «الفقه الرضوي» : «وإن شككت في ريح أنّها خرجت منك [أو لم تخرج] فلا تنقض من أجلها الوضوء إلّا أن تسمع صوتها أو تجد ريحها ، وإن استيقنت أنّها خرجت منك ، فأعد الوضوء ، سمعت وقعها أو لم تسمع ، شممت ريحا أو لم تشمّ» (١) ، انتهى.
وهذا مع انجباره بالشهرة العظيمة ، بل الإجماع والفتاوى والعمومات والإطلاقات صريح فيما ذكرنا من أنّ الروايتين في مقام الظن بالخروج أو توهّمه.
__________________
(١) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام : ٦٧ ، مستدرك الوسائل : ١ / ٢٢٧ الحديث ٤٣٠.