ورأينا بعض العلماء أنّه كان يتأمّل في جواز هذه الصلاة بمجرّد الحاجة إلى السقيا ، ويقول : الشرط هو جفاف الآبار والأنهار وفتور الأمطار.
وربّما كان الظاهر من إطلاقات الأخبار أنّ الاحتياج إلى السقيا كاف.
نعم ؛ في مرفوعة محمّد ، عن الصادق عليهالسلام المرويّة في «الكافي» أنّه سأله عن تحويل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ردائه إذا استسقى؟ فقال : «علامة بينه وبين أصحابه يحوّل الجدب خصبا» (١).
وفي «الفقيه» : أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا استسقى قال : «اللهمّ اسق عبادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، أحي بلادك الميتة» يردّدها ثلاث مرّات (٢).
وقنوت هذه الصلاة كما في «المصباح» : «اللهمّ قد انضاحت جبالنا واغبرّت أرضنا وهامت دوابّنا [وقنط اناس منّا أو من قنط منهم الناس وتاهت البهائم] وتحيّرت في مراتعها [وعجّت] عجيج الثكلى على أولادها» ، وأمثال ذلك في الخطب ، بل وأشدّ مثل : «فدقّ [لذلك] عظمها وذهب لحمها وذاب شحمها وانقطع درّها» ، بل وأشدّ أيضا من هذا مثل : «اللهمّ خرجنا إليك حين فاجأتنا المضايق الوعرة وألجأتنا المحابس العسرة وعضّتنا علائق الشين فتأثّلت علينا لواحق المين واعتكرت علينا حدابير السنين» (٣). إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر من الشدائد.
فلعلّه بملاحظة هذه الامور وتتبّع تضاعيفها ، يظهر عدم كفاية مجرّد الحاجة ، بل لا بدّ من تحقّق العوز والفتور ، ومن ذلك يتحقّق الجدب.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٩ الحديث ٩٩٩٩.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٣٥ الحديث ١٥٠٣.
(٣) مصباح المتهجّد : ٥٢٨ ـ ٥٣٠ مع اختلاف يسير.