والمكلّف دائما يظنّ بقاءه ، سيّما بملاحظة قاعدة الاستصحاب ، بل بملاحظته لا بدّ أن لا ينقض يقينه بالشكّ أبدا ، وعلى فرض حصول الظن بالوفاة لا يكاد يتأتّى منه شرعا هذا الوضوء.
وأمّا الغسل ؛ فهو أشدّ من الوضوء ، فكيف يتأتّى منه عادة عند ظن وفاته؟ اللهمّ إلّا عند البناء على قتله شرعا أو ظلما ، وهذا فرض لا يكاد يتحقّق ، ومطلقات الأخبار محمولة على الصور المتعارفة الشائعة.
فكيف يجعل هذا الوجوب ـ الذي تميّزه عن الاستحباب الذي قال به المشهور بثمرة عجيبة غريبة شاذّة الوقوع غاية الشذوذ ، بل لا يكاد يتحقّق ـ مدلول الأخبار الكثيرة؟
لا يقال : هذا وارد على الفقهاء أيضا ، لأنّ بعد دخول الوقت يقولون بوجوب الطهارة إلى أن تتحقّق الصلاة.
لأنّا نقول : الواجب للغير ليس على ترك نفسه عقاب ، بل على ترك الغير أو فعله خاليا عن شرط صحّته ، فلا مانع من تعدّد الواجبات للغير. مع أنّه يمكن أن يكون الواجب للغير هو الذي تحقّق الغير به خاصّة ، وتمام التحقيق في «الفوائد» (١).
وبالجملة ؛ ثمرة النزاع قصد الوجوب عند الفعل ، ونفس الوجوب عند ظن الوفاة.
والثاني : قد عرفت أنّ عند ظن الوفاة لا يكاد يتحقّق من المكلّف خصوصا الغسل ، بل عرفت أنّ المسلمين في الأعصار والأمصار ما كانوا يرفعون الحدث الأصغر أصلا عند الاحتضار ، ولا يأمرون المحتضر أيضا أصلا لا وجوبا ولا
__________________
(١) راجع! الفوائد الحائريّة : ٤٠١ ـ ٤٠٨.