قوله : (وقيل). إلى آخره.
هذا القول حكاه في «الذكرى» عن قائل مجهول (١) ، ربّما لا يكون من الشيعة على ما قاله بعض (٢) ، ولو كان منهم ، لكان ممّن لا يعتدّ بقوله على ما يؤمي إليه عبارة «الذكرى».
مضافا إلى ما عرفت من الإجماعات المنقولة وطريقة المسلمين في الأعصار في جميع أحوالهم حتّى مقارنة الاحتضار ، بل عرفت أنّه إجماع واقعي ، فالقائل المجهول خارج عن الإجماع ، مع أنّ هذا القول مع مخالفته للإجماع والآية والأخبار والاصول والاعتبار ، وعدم جواز جعله مدلول الأخبار ـ كما ستعرف ـ فاسد في نفسه ، إذ مقتضاه تحقّق واجبات لا تحصى ليس على ترك واحد منها عقاب أصلا ، فضلا عن الجميع ، وذلك لأنّ المكلّف إذا توضّأ عقيب كلّ حدث من أوّل أوان تكليفه إلى وقت وفاته يتوضّأ بقصد الوجوب ووضوؤه هذا واجب عندهم البتّة ، والواجب ما يكون على تركه العقاب.
ومع هذا إن اتّفق أنّه ترك الوضوء إلى آخر عمره ، ولم يتوضّأ أصلا إلّا الوضوء الذي يتوضّأ للصلاة ، أو عند ظنّه بوفاته لا يكون عليه عقاب.
مع أنّ الواجب للغير ليس على تركه عقاب ، بل العقاب إنّما هو على ترك مشروطه ، أو ترك الشرط والمشروط جميعا ، كما حقّق في محلّه (٣) ، ومسلّم عند الفقهاء ، فحينئذ على تقدير ترك الوضوء لأجل الصلاة أيضا لا يكون على تاركه عقاب أصلا ، إلّا إذا ترك عند ظنّ الوفاة.
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ١ / ١٩٤ ـ ١٩٦.
(٢) الحدائق الناضرة : ٢ / ١٢٨.
(٣) الفوائد الحائرية : ٤٠١.