ما ليس في غيرها نصّا واعتبارا ، مثل قولهم عليهمالسلام : «أرأيت أحدا أصدع بالحقّ من زرارة»؟ (١) وغير ذلك من الأخبار.
وأمّا الاعتبار ؛ فبملاحظة حال زرارة ومتانة أخباره ، وكونها مفتى بها غالبا ، وأحاديث الباقر عليهالسلام على مرّ الحق نصّا واعتبارا ، والنصّ ما ورد في الأخبار عن الصادق عليهالسلام من أنّ أبي كان يفتي بمرّ الحقّ (٢).
وأمّا الاعتبار ؛ فلارتفاع التقيّة في زمانه ، لاشتغال بني اميّة ببني العبّاس ، وفرصة الشيعة ، ومصاحبة جابر الأنصاري إيّاه ، وإبلاغه سلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إيّاه ، مع قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه شمائله شمائلي يبقر علم الدين بقرا (٣) ، ولعدم اشتداد التعصّب بين أهل السنّة والشيعة ، وعدم ظهور مذهب الشيعة ، وكون أهل السنّة على مذاهب شتّى اصولا وفروعا بحيث لم يتحقّق إلى ذلك الوقت أساس لمذهبهم أصلا ، وهو عليهالسلام كان معدودا عندهم من الفقهاء الأجلّاء الأعاظم ، بل مالك كان يفتخر بأنّه عليهالسلام كان يراعيه ويبجّله (٤) ، وربّما كان غيره كذلك.
وبالجملة ؛ الأسباب كثيرة ذكرنا الكلّ في موضعه ، مع أنّ هذا الحديث لو كان ضعيفا لكان حجّة البتّة ، وقطعا عند كلّ الفقهاء ، لموافقته للأصول والآية وعمل الأصحاب وطريقة المسلمين في الأعصار والأمصار ، وسائر الأحاديث الواردة عنهم عليهمالسلام الدالّة على انحصار الواجبات بالأصالة بالصلاة والصوم
__________________
(١) رجال الكشّي : ١ / ٣٥٥ الرقم ٢٢٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٦ الحديث ١٠ ، الاستبصار : ١ / ٢١٩ الحديث ٧٧٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٦٠ الحديث ٤٥٠٦ مع اختلاف يسير.
(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٥ الحديث ٥٢٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٥ الحديث ١٠٤٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٤ الحديث ٥١٠٨.
(٣) أمالي الصدوق : ٢٨٩ الحديث ٩ ، علل الشرائع : ٢٣٣ الحديث ١ ، بحار الأنوار : ٤٦ / ٢٩٥ الحديث ٢٥.
(٤) لاحظ! بحار الأنوار : ٤٧ / ١٦ الحديث ١ ، ٢٠ الحديث ١٦.