قلت : هذا يعاضد الإجماع المنقول عن «الخلاف» (١) ، وكون التوجيه الذي ذكره الشهيد بمكانه ، والشهرة العظيمة التي لا تكاد يتحقّق مخالف أيضا يؤيّدهما.
وقوله تعالى (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢) صفة للقرآن ، أو خبر ثالث بلا تأمّل ، فكذا ما تقدّم عليه لعدم الفاصلة بالأجنبي ، مضافا إلى أنّه تعالى في مقام وصف القرآن وأحواله ، لا الكتاب المكنون.
مع أنّ المسّ حقيقة في الإمساس الجسدي ، مع أنّ قوله تعالى (مَكْنُونٍ) مطلق ، فالظاهر أنّه مكنون مطلقا ، مع أنّه ظهر من الأخبار المتعدّدة عن الأئمّة عليهمالسلام إرجاع الضمير إلى القرآن (٣) ، مضافا إلى الإجماعات المنقولة ، والشهرة العظيمة.
فظهر أنّ الجملة الخبريّة بمعنى النهي ، والطهارة بالمعنى الاصطلاحي.
حجّة القول الثاني : أصل البراءة ، وعدم معهوديّة منع الصبيان عن المسّ من السلف.
وفيه ؛ أنّ الأصل لا يعارض الدليل ، ولم يثبت من عدم المعهوديّة التي ذكرت إجماع حتّى تكون حجّة ، بل ولا قدر يثمر ظنّا (٤) ، مع أنّ الصبيان من جهة خروجهم عن التكليف ما كانوا يمنعون.
قوله : (للصحيح إلّا أنّي). إلى آخره.
هو صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهماالسلام ، عن الرجل أيحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال : «لا» (٥) ، وحملت
__________________
(١) مرّ آنفا.
(٢) الواقعة (٥٦) : ٨٠.
(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٤ و ٣٨٥ الحديث ١٠١٤ و ١٠١٦.
(٤) في (د ٢) : ولا قدر يثمن ظنّا.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ١٢٧ الحديث ٣٤٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٤ الحديث ١٠١٥.